في غمرة العويل وأزيز الرصاص وسفح الدم العربي بلا هوادة وانشغال العالم بما يحدث في الربيع العربي من عجيج وضجيج والتصريحات الكاذبة الجوفاء يستوقف المرء مبادرة إنسانية جديدة لخادم الحرمين الشريفين، وما أكثر مبادراته التي تحرص على لم الشمل وحقن الدم وإصلاح ذات البين، بين أشقائه العرب، أقول إن المبادرة التي أعنيها هي دعوة أبطال فلسطين الحقيقيين الذين خرجوا من سجون العدو الإسرائيلي إلى أداء فريضة الحج على حسابه الخاص، أما لماذا أقول أبطال فلسطين فلأنهم هم المناضلون الحقيقيون الذين ضحوا بأعمارهم من أجل فلسطين لا كمن يزايدون على الفلسطينيين والعرب أيضاً ويدّعون النضال الكاذب في عواصم الغرب دون أن يفعلوا لـ(هذه الفلسطين) السليبة أي شيء سوى الكلام الفارغ و(الخرط) وهم يضعون ساقاً على ساق في الفنادق الراقية، بينما الرجال الذين خرجوا تواً من السجون الإسرائيلية قد كان بعضهم يقبع في زنازين العدو منذ أكثر من عشرين عاماً دون أن (يبصموا) على الإقلاع عن هذا النضال الشريف حتى تتحرّر فلسطين (كل فلسطين)، أما الفلسطينيون المتناحرون على السلطة والذين أقسموا في بيت الله الحرام على نبذ الخلافات وتوحيد الصف وبحضور خادم الحرمين فلم يوفوا بعهدهم بحق الدم الفلسطيني لوجه الله أولاً ومن ثم لوجه عبد الله حفظه الله.
وما دمنا في هذا الصدد الفلسطيني فقد شدّ انتباهي - حقيقة - التعزية التي وجهها المناضل خالد مشعل إلى خادم الحرمين بمناسبة وفاة الأمير سلطان - رحمه الله- والتي قال فيها على ما أذكر (أن الفلسطينيين لن ينسوا مواقف المملكة الدائمة مع القضية الفلسطينية تلك المواقف المشرّفة منذ عهد الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه- ومن تعاقب بعده من أبنائه الملوك الكرام آل سعود). يبقى القول أخيراً أن مبادرة المليك المفدى تجاه أسرى فلسطين الذين خرجوا من سجون العدو هي أجر وموقف إنساني ليس غريباً على أبي متعب.