ليس عيباً البتة أن يجهل المرء في جانب من جوانب المعرفة لأن العلم من المهد إلى اللحد، لكن المأخذ الكبير أن يُتاح في بعض القنوات الفضائية الشعبية المجال لمن (يهرف بما لا يعرف) في الشعر الشعبي وتاريخه، وليت الأمر توقف في مداه عند شخص ما زال في بداية حياته ليكون التبرير من باب خَلْق العذر له بأنه ما زال في طور التكوين المعرفي في مجال يأمل الإبحار فيه ولم تتبلور تجربته تماماً بعد، أو ليت حديثه كان عن شاعر مبتدئ، إن من سوء حظه أنه اختار قصيدة للشاعر الكبير المعروف ساكر الخمشي العنزي - رحمه الله - وأخذ يفسرها بشكل خاطئ إلى درجة التحريف الكامل في معنى القصيدة وهي قصيدة معروفة، ومنها:
الله من قلبٍ عذلته ولا طاع
متولّعٍ بالأجنبي من هباله
الأجنبي يرّث على الكبد الأوجاع
عقب العسل يسقين (مر الغزاله)
المسعد اللي ما هرج له بالأصباع
واللي جرى لي بالهوى ما جراله
ما ذاق حب فراق نتلات الأوجاع
يوم الذرا يطوي بوسطه حباله
وكان تفسير الراوي الفضائي الشعبي الجهبذ!! لمعنى (مر العزالة) أن في أحشاء بعض أنواع الظباء كـ(الإدمي والريم والعفري والغزال) أن فيها -من وجهة نظره- جزءا من لحومها مرير الطعم لا يؤكل!!! بينما المعنى الحقيقي الذي قصده الشاعر الكبير هو شجر (الفلقة) الذي يميت الغنم تحديداً بإذن الله. وبعد رصد مثل هذه السلبية التي لا يتوقف ضررها على تاريخ الشعر فحسب -كغيض من فيض- نتمنى على بعض مالكي القنوات والمستثمرين فيها احترام الشعر الشعبي الجزل وتاريخ شعرائه وإناطة الأمر بأهله حتى لا ينطبق على حال بعض المواقف والاجتهادات الاعتباطية المثل المعروف (اللي ما يعرف للصقر يشويه).
وقفة للشاعر حمد الضحيان الأسعدي:
يالزايد الناقص ترى الطيب مقسوم
بين الأوادم في جميع النحايا
الطيب ما يوخذ بنعرات وزعوم
وهايبٍ من عند جزل العطايا
الله خلق بالناس حاكم ومحكوم
وكلٍ تقاريره بفعله ملايا
abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com