انزلاقي لم يكن متوقعاً، مع الانتظام الطويل الذي كنّا نعيشه، إذ كُنت وسط العتمة في سكون، إلا من نميمة الماء، أو مسحة هادئة بباطن اليد.
تهاويت بطولي الهزيل على مرأى الأخريات الآتي لم يصدرنَ أي صراخ أو شهقة هلع، ما جعلني أستسلم لشعوري بالسقوط، وأرخي جذعي المنحني.
كان ارتطامي على الأرض الصلبة هادئاً بشكلٍ مبالغ، إلى حدٍ معه لم ينتبه لي أي من العابرين أو حتى عجلات الكرسي، أو السلك الأسود الموصول بمفتاح الكهرباء.
ما زال جسدي رطباً قد لا تؤثر فيه دعسة من أحد الأقدام المتزاحمة حولي فيتهشم، المسألة كانت ستختلف لو كان سقوطي مرَّ بشعلة الشمعة ذات الرائحة الزكية على الطاولة الزجاجية بين المقعدين.
ما هي إلا دقائق حتى تساقطت الأخريات موتى، جثث تهتز مقطعة الرؤوس! هالني تراص الجثث، والموت الذي راحت رائحته تضج بأنفي، التففت بشكلٍ دائري حول نفسي، الشعور بالقلق أخذ يستوطن هشاشتي، وصوت الكعب القادم يحفر الأرض، حتى اقتربت ساقان نحيلتان ومقشة كنستني إلى بقية الجثث، رفعتنا العاملة بمقشتها إلى الحاوية، فلمحت شعر آمنة وقد سرّحته قصيراً فبدت لي رقبتها، خلعنا المِقص عن جديلتها التي كانت تضمنا إلى بعضنا، ليحيلنا إلى رؤوس معلقة، وأجساد انتهت إلى حاوية تضم الكثيرات من القتلى.