يولد المرء وتولد معه الوطنية فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومحبة الوطن تزيد وتنقص بالمؤثرات على المواطن سلباً أو إيجاباً، فالأسرة والمجتمع والمسجد والمدرسة كلها تؤثر في المواطنة، فإذا كان المرء يولد على الإسلام فأبواه يهودانه أو ينصرانه، فكذا المرء يولد محباً لبلده وأرضه وتربته التي عليها ولد ونشأ وتربى وترعرع، إن أثر المؤسسات التعليمية على المواطنة أثر بالغ، وكذا أثر المسجد فإن رسالة المسجد عظيمة في الإسلام فهو المسجد والمدرسة والمؤسسة الخيرية والدعوية بل ومقر الاجتماعات والندوات قديماً وحديثاً إن دور المسجد في إرساء قواعد المواطنة يتمثل في دور الإمام الذي واجبه كبير وكبير بعد الانتماء للوطن قولاً وفعلاً، وتقديم مصالحه على مصالح غيره من الأوطان إذا تعارضتا.
إن غرس المواطنة في نفوس جماعة المسجد بالكلمة الهادفة والموعظة الصادقة والخطبة النافعة مما جاءت به الفطر المستقيمة والعقول السليمة كيف؟ ورسولنا صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة يوم الهجرة التفت إليها وهو يقول: (لولا أني أخرجت منكِ ما خرجت، والله لأنتِ أحب البقاع إلي)، ثم قال بعد ذلك: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) وقال أيضاً: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) مع وجود ما هو أفضل منها، وهكذا أصحابه من بعده يحبون المدينة كحبهم مكة أو أشد فلا لوم على من يحب وطنه ويتفانى في خدمته والدفاع عنه، ولكن اللوم كل اللوم والعيب كل العيب فيمن يجبن عن الانتماء إليه أو الدفاع عنه إنكاراً منه للمعروف ونسياناً للجميل والله لا يحب كل خوان كفور.
إن على كل إمام مسجد أو خطيب جامع أن يكون صادقاً في المواطنة تمشياً مع الفطر والسنن وحثاً على الاجتماع ونبذ الافتراق، ولعل مما يعين على ذلك:
1- معرفة أن محبة الوطن من الدين وليس بينهما تعارض بل بعضهم مرتبط بالآخر.
2- التعريف بالوطن من حيث القداسة والشرف (مكة - المدينة).
3- ما قدمه الوطن لأبنائه ومواطنيه.
4- ما قدمه ويقدمه الوطن للبلاد الإسلامية الأخرى وغيرها كثير. والحمد لله أولاً وآخراً.
وإلى اللقاء..