عندما تولد طفلاً صغيراً يحرص والداك على زراعة طريق حياتك بالعشب الأخضر الندي الرطب جميل المنظر والرائحة، وعندما تكبر يتركونك تمشي به عدتك وعتادك نصائحهما وتوجيهاتهما، وبينما أنت تسير على ذاك العشب سوف تقابلك حفر كثيرة قد قدرت لك في لوحك المحفوظ قبل خلقك، وهي عثرات الحياة الحق على كل إنسان أن يمر بها، وعندما تمر بأي من هذه الحفر سوف تتذكر نصيحة لأحد والديك، اعمل بها جاهداً إن كنت ترى أن تلك الحفرة عميقة عمقاً مخيفاً، لكن في بعض الأحيان تنخدع بمنظر إحدى الحفر، فعندما تلقي عليها النظرة الأولى يعجبك حجمها الكبير! وقد تشتم منها رائحة زكية ! وتنزل وتقرر العيش فيها وتلحظ نفسك أنك منذ نزلت إليها وابتسامتك لم تفارق شفتيك ! إذ إنك ذقت فيها طعم الهناء ولا تجد نفسك إلا قد اخترتها مقاماً أبدياً لك وقد ينتج عن ذلك القرار في نفسك شعور بأنك قد ملكت العالم بأسره من فرط سعادتك وقد ملأت فراغاً كان يسكن روحك ولكن ما إن تبدأ أفاعي تلك الحفرة بالخروج وبث سمها في بدنك سوف تشعر حينها بأنك وقعت ! وعندما يبدأ السم بالانتشار في جوفك وأذيتك سوف تتأكد أنك خدعت فعلاً بالمظاهر !
لا تندم ! قل الحمد لله، ثم الحمد لله، وابدأ بتصليح خطئك ومعالجة نفسك مما أصابك، أخرج من تلك الحفرة مودعاً كل من فيها، واعلم أن هذا كان خطأً غير مقصوداً منك ولا تلقي اللوم على نفسك فلم تكن تعلم ما سيحصل لك، كرر الحمد لله، قرر النسيان ونظف نفسك من ترابها، ثم ابدأ الخطوة التالية وهي سد تلك الحفرة وسقيها بالماء البارد ليطفئ لهيب نزفها في جوفك، احرص على الاعتناء بها فقد كانت جزءًا من حياتك، فكل ألم يعني علما، وكل علم يعني حياة، ومع الأيام وإصرارك على النسيان والمعالجة سوف تراها نبتت وردة جميلة تعطر روحك بعطرها الفواح الذي يعيد لك نظرتك الجميلة للحياة وأملك وتفاؤلك وتعينك على البدء من جديد،, فهكذا هي الحياة بساط أخضر قد مهد لنا من قبل والدينا وقد قدّر لنا من قبل أن نخلق أن نواجه فيه بعض الهفوات والأخطاء على شكل حفر، فلنحرص نحن على زراعة كل حفرة وتحويلها إلى وردة عطرة ولنخرج من ذاك البساط ببستان من الورود رائع المنظر كل من يراه يتذكرنا بخير.
- الرياض