تقسيط المنازل والسيارات والأجهزة الكهربائية والأثاث المنــزلي والمكتبي أمور مألوفــــة وغير مستغربـة. المستغرب أن تعرض فتيات للـــزواج بنظام الأقسـاط المريحة لتخفيف الأعباء عن الذكور الراغبين في الزواج! تعودنا طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم على سماع قصص وروايات كثيرة عن زواجات المسيار والمصياف والمسفار والسياحي وكلها زواجات يتم دفع المهر للعروسة بالكاش ولا تقبل فيها الشيكات إلا المصدقة من البنك, لكننا لم نسمع بفتاة تقبض مهرها بالتقسيط تستلم الدفعة الأولى وتنتظر نهاية كل شهر لتقبض القسط المستحق من الزوج «المنتف» والذي لم يبق من ريشه ما يستر جسده. المدهش أن كل أمر مستغرب وغير مقبول ومستبعد الحدوث أصبح معقولا وكثير الحدوث في مجتمعنا السعودي فقد نقلت وكالة «فرانس برس» عن سيدة سعودية من المدينة المنورة تدعى عبير حسن قولها: إنها قد طرحت فكرة جديدة للزواج بنظام التقسيط المريح للحد من المغالاة الشديدة في المهور وارتفاع تكاليف الحفلات, وأضافت بأن مكتبها الخاص بالزواج بالتقسيط قد قام بتمويل ثلاثة عشر شخصا خلال ستة أشهر حيث يقوم الشاب المقبل على الزواج بدفع مبلغ ألفي ريال والباقي يسدد على أقساط شهرية قيمة القسط الواحد سبعمائة ريال.
وتؤكد السيدة عبير على أن هدفها الأساسي من إنشاء المكتب وتوسيع نشاطاته الازدياد المطرد في نسبة العنوسة نتيجة المغالاة في المهور ولعل ما يدعم فكرتها الجميلة ظاهريا ما أشارت إليه الدراسات من أن عدد العانسات في السعودية مرشح للزيادة من مليون ونصف إلى أربعة ملايين في السنوات الخمس المقبلة وخاصة في مكة والرياض والدمام, هذه المؤشرات تدلل على أن المؤسسات المسؤولة عن الزواج في المملكة قد تخلت عن مسؤولياتها وتركت الشباب يواجهون مستقبلهم دون أي مساعدة وهي مؤسسات من نوعية «نسمع جعجعة ولا نرى طحينا» ويقع الوزر الأكبر على وزارة الشؤون الاجتماعية فأين دراساتها وجهودها لتخفيف تلك النسب؟ فإذا كان الزواج هو المؤسسة التي يطمح لتأسيسها كل شاب وشابه في مجتمع محافظ فأين هذه المؤسسات من تقديم المساعدات المعينة للمقبلين على الزواج؟
نعود للزواج بنظام التقسيط فهل يعقل أن تتحول الفتاة إلى سلعة تعرض للزواج بالدفعات المريحة, قد يقبل بهذا الحل البعض وقد يؤيده كثيرون من مبدأ ليس بالإمكان أفضل مما كان, لكن كيف يعيش الزوجان الجديدان حياة زوجية مريحة والزوج ينظر إلى أن هذه الزوجة التي تقاسمه حلو الحياة ومرها ليست في النهاية إلا زوجة بنظام التقسيط والدفعات المتراكمة, وهي عبء جديد مضاف إليه مثل أعباء الإيجار ومصاريف الحياة الأخرى وهي لا تختلف عن السيارة التي اشتراها بالتقسيط والشقة التي يسعى لشرائها بنفس النظام, وبدلا من دخول العريس وعروسته حياة مريحة ترفرف على جنباتها السعادة والراحة النفسية, حياة خالية من المنغصات وعلى رأس هذه المنغصات الدين وأولها أقساط شريكة العمر وديونها الثقيلة الزوجة التي صارت تتحرك في كل أرجاء المنزل أمام ناظري حبيب القلب بخفة ورشاقة تحولت إلى زوجة ثقيلة الظل بأقساطها المتراكمة والجاثمة على صدر العريس «المنحاس» وقد يلجأ بعض العرسان الخبثاء إلى حركات «نص كم» لمساومة الزوجة والتخفيف من بعض الأقساط أو المساهمة بدفع بعضها.
وهي حياة في نهاية المطاف كسيفة مثقلة بالهموم لا مكان فيها لحب أورومانسية فإذا دخلت الأقساط من الباب هرب الحب من الشباك.
shlash2010@hotmail.com