عندما يضيق الأفق الفكري لدى الإنسان فإن عقله لا يتسع للآراء التي تختلف عن ميوله وأهدافه وأغراضه وبذلك فإنه لا يستوعب إلا رأيه فقط الذي يعتقد أنه هو الصحيح وأنه على حق أما آراء الآخرين فلا قيمة لها وهو بهذا الفعل لم يدرك أن الرأي عمل ذاتي يقوم به الإنسان بدافع من عقله
إلى التأمل وإلى البحث حتى يصل إلى حكم معرفي يجعله يميز بين الخير والشر أو على أقل تقدير بين الأبيض والأسود، ولأن الجهل في قواعد الحياة وأهدافها جعل كثيرا من الآراء تختلف باختلاف أهواء وأهداف أصحابها، فمنهم من يعتقد بأن آراءهم تمثّل كل الأعمال الإيجابية التي تفيد المجتمع وتساهم في رفعته وتقدمه ورقيه. وإذا أدركنا أن الميادين الفسيحة في الآراء لا تضيق أبداً لأن العاقل المدرك عوّد نفسه وإرادته على التغلب على الدوافع التي تبعده عن الحق وهذا معناه التمسك بالقيم والأهداف النبيلة التي تجمع ولا تفرّق. من هنا جاءت أهمية الرأي في كل كبيرة وصغيرة في حياة البشر تطبيقاً للشرع الحنيف ووصايا نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بأقوال الحكماء الذين يؤكدون بأن الرأي الجميل لا يستهان به حتى ولو جاء من رجل بسيط لأن الدرة الرائعة لا يستهان بها لهوان غائصها. فما أحوجنا في هذا العصر إلى الرأي السليم الحصيف الذي يحثنا على اتباع كل الفضائل والقيم ويساهم في وحدة الكلمة وتحقيق الأهداف ويبعدنا عن التمرد على الواقع والخوض في أمور لا طائل منها.
إن المجتمع الراقي هو من تتوحّد فيه الأفكار والآراء لأن في ذلك مصلحة عظيمة وتمسّكا بالالتزامات الأخلاقية المستمدة من الدين الحنيف. يكفي هذا المجتمع ما عاناه من غفلة حضارية وتشتت في الآراء.