في مقالته «وماذا عن اللوبي الإيراني في السعودية» التي تناولت ما توارى عن النقاش في المجتمع المحلي، تحدث الزميل «سلمان الدوسري» في جريدة «الاقتصادية» عن اللوبي المتعاطف مع إيران محلياً، والذي شكل رأياً مضاداً لأمن الوطن، والمصلحة السعودية، ووجهة نظر الحكومة حيال محاولة اغتيال السفير عادل الجبير. الزميل الدوسري أكثر تخصصاً، ومعرفة بالشأن الإيراني وانعكاساته على دول الخليج، وأكثر اطلاعاً، ووعياً بتوجهات إيران القذرة في المنطقة؛ اللوبي الإيراني في السعودية قد يحقق لإيران ما لم تستطع تحقيقه من قبل؛ فنشر التعاطف مع الدولة الصفوية، وتغطية أعمالها الإجرامية، تضمن لها الاستمرار في ممارساتها، والتمدد، وكسب الوقت لتجنيد الاتباع، العملاء، والمتعاطفين ما يجعلها؛ أكثر انتشاراً وتأثيراً.
التمويل المالي لجماعات الضغط، والتوجيه، والأتباع من المؤثرين في المجتمع وسيلة قذرة لبناء الطابور الخامس، وتشكيل اللوبي القادر على تغطية خطر العدو، وتصويره بصورة الصديق المحب المشفق، وإن أسال الدماء وخطط للقتل والتفجير. تَشَكُل اللوبي المضاد لمصلحة الوطن، والمنفذ لأجندات خارجية قادر، مع مرور الزمن، على تفكيك المجتمع من الداخل، ودعم حركات التخريب.
تُشير المعلومات إلى أن جهاز الاستخبارات الأمريكية مول بعض هيئات المجتمع المدني في يوغسلافيا بهدف تفكيكها من الداخل، وتقسيمها إلى عدة دول وفق الإستراتيجية الأمريكية. التمويل قُدم أيضاً لناشطين في الشأن الإعلامي، ولقادة المجتمع الذين أوكلت لهم مهمة حشد الرأي العام الداخلي وتوجيهه لدعم فكرة الانفصال، ونشر القيم الأمريكية لأهداف إستراتيجية بعيدة المدى، وهو ما حدث لاحقاً. إيران تمارس الدور نفسه مع دول الخليج، وهي تسعى لتحقيقه في السعودية؛ يمكن ملاحظة ممارسات اللوبي الإيراني بأبشع صوره في دولة الكويت، وهو اللوبي الذي لم يعد يخجل من الدفاع العلني عن جرائم إيران، وممارساتها الطائفية في المنطقة!. في حادثة التجسس الأخيرة التي كشفت عنها سلطات الكويت، دافع أحد أعضاء مجلس الأمة عن إيران، ووقف معها ضد دولته؛ مبرراً عملها القذر المتنافي مع القوانين والأعرف الدولية؛ وقال بلهجته الخليجية « شنهو فيها... مافيها شي»!.. في مملكة البحرين تحول اللوبي الإيراني إلى طابور خامس سعى إلى قلب نظام الحكم!. تشكل اللوبي الإيران في المنطقة أمر مقلق وخطير، إلا أن دخوله البرلمانات الخليجية يجعله أكثر قدرة على صنع القرار من الداخل، إضافة إلى قوة تأثيره على الرأي العام المحلي وتوجيهه لخدمة المصالح الإيرانية.
يتكون اللوبي الإيراني في السعودية من ثلاث مجموعات رئيسة؛ المجموعة الأولى تُمَثَّل أتباع الدولة الصفوية ومؤيديها، وينقسمون فيما بينهم إلى المجموعة المُجاهِرة بالمنافحة عن الدولة الصفوية، والمبررة لأعمال العملاء التخريبية في الداخل والخارج، والمشككة في الإجراءات الأمنية المُتخذة ضدهم، وربطها بالطائفية بغية توفير الحماية للمخربين من جهة، وإثارة الرأي العام العالمي من جهة أخرى.. والمجموعة الصامته، التي يُشكل صمتها عن شجب واستنكار حوادث التخريب تأييداً مُبطنا للمُنفذين. المجموعة الثانية وهي مجموعة العُملاء الذين يتم تمويلهم وتوجيههم من الخارج، وهؤلاء أكثر قدرة على التوجيه الداخلي والعمل على نشر المخططات الإيرانية في الداخل وتوفير الدعم والتأييد (المُتدرج) لها، ومواجهة قوى الأمن إعلامياً، ومن خلال مواقع النَّت؛ بالكذب والتهويل. أما المجموعة الثالثة فتتشكل ممن قَصُرَت رؤاهم عن استيعاب أهداف إيران الحقيقية، ونواياها ومخططاتها التخريبية، ما جعلهم أكثر خدمة لها، ولعملائها في الداخل، من حيث لا يشعرون.
اللوبي الإيراني، بأقسامه الثلاثة، في حاجة إلى استئصال قبل أن يستفحل و يترسخ في المجتمع، فيصبح التعامل معه مستقبلاً؛ أكثر تعقيداً، وأقل كفاءة. التمويل الإيراني القذر هو المصدر الرئيس لتجنيد عناصر اللوبي المحلي، في القسمين الأول والثاني؛ تجفيف منابع التمويل، ومتابعة القيود المالية، والصفقات التجارية سيؤدي دون أدنى شك إلى كشف هؤلاء وإضعافهم والسيطرة عليهم؛ في الوقت الذي يمكن إدانتهم قانونياً، في قضايا دعم الإرهاب، كما حدث مع الداعمين لتنظيم القاعدة. التعامل مع أتباع القسم الثالث يجب أن يكون مختلفاً لأسباب فكرية؛ فعدم إلمامهم بالمخطط الإيراني الإستراتيجي، وعداوة الدولة الصفوية لشيعة العرب، قبل سنتهم، أثر سلباً على آرائهم المُعلنه؛ هؤلاء، وبرغم خطئهم الفادح، هم أكثر حاجة إلى المُراجعة، والمواجهة الفكرية المعتمدة على قاعدة البيانات المُحصلة من العمليات الإيرانية في المنطقة؛ فإن عادوا؛ فقد ثبت الغَرَر؛ وإن تمادوا فقد ثبتت تهمة انتمائهم إلى اللوبي القذر الذي تموله الدولة الصفوية المارقة.
f.albuainain@hotmail.com