تواجه جامعة الدول العربية اليوم تحدياً جدياً في إثبات مصداقية الجامعة واستعادة ثقة المواطنين العرب عندما تبحث مصير مبادرتها التي قدمتها للنظام السوري، والتي لم تسفر إلا عن إضافة أكثر من 200 ضحية، بينهم العديد من الأطفال والنساء، إلى قوافل شهداء الثورة السورية!
ومع أن كل الظواهر وما حصل على الأرض السورية يؤكد فشل المبادرة في وضع حدٍّ للقتل والمجازر، التي يُصِرُّ النظام على ارتكابها في المدن السورية، وبخاصة في حمص وحماة، إلا أن هناك بصيص أمل بأن تحزم جامعة الدول العربية أمرها من خلال مجلس وزراء الخارجية، وتتخذ إجراءات حاسمة تتناسب مع عدم التزام النظام السوري ببنود المبادرة التي اتفق مع لجنة المبادرة العربية على تنفيذها.
موقف الدول العربية في اجتماع اليوم ينبئ عن انقسام حاد في المواقف العربية؛ حيث يمكن تقسيم الدول العربية إلى أربعة تجمعات، يأتي في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي التي تطالب بزيادة الضغط على النظام السوري من خلال إجراءات دبلوماسية تصل إلى حد تعليق عضوية النظام في المجامعة، وسحب السفراء، والطلب من سفراء دمشق مغادرة العواصم العربية في حال لم يطبِّق النظام السوري بنود المبادرة العربية فوراً، وتحت إشراف مراقبين عرب.
فيما تعارض دول الجزائر واليمن ولبنان مثل هذه الإجراءات؛ لأسباب تتعلق بأوضاع الدولتين الأوليين، ولهيمنة حلفاء سوريا على الحكومة اللبنانية.
أما مصر والسودان وموريتانيا وتونس والمغرب فلم تظهر موقفاً واضحاً حتى الآن، فيما أعلن العراق والصومال أنهما سيدعمان ما تتفق عليه أغلبية الدول العربية.
تشتت المواقف العربية يغري النظام كثيراً بالسير قدماً في فرض الحل الأمني والتلاعب في الوقت، فيما يغلي الشعب السوري في الداخل والخارج، الذي سيعلن - إن لم يكن أعلن مسبقاً - فقدانه الأمل بتحرك عربي ينقذهم من مجازر النظام، وقد تجلى هذا اليأس من أي حلٍّ عربي في دعوات المتظاهرين الذين رفعوا دعواتهم إلى الله بأن ينجيهم من ظلم نظام الأسد وتلكؤ العرب الذين لم يحصلوا منهم سوى مزيد من القتلى ومنح النظام مزيداً من الوقت لممارسة القتل اليومي!