يواجه المحامون حقيقةً من جهة، ومرتكبو الجنح والجرائم من جهة أخرى رهبة غير عادية عند نطق القاضي بالحكم إذ إن لكل قاضٍ وجهة نظر فيما يصدره من قرارات تعزيرية بحسب ما يراه هو مناسباً للقضية وما دام الأمر مفتوحاً دونما تقنين فقد تختلف الأحكام باختلاف القاضي، والقاضي بشر قد يخطئ وقد يصيب.
هناك تفاوت كبير في الأحكام التعزيرية بين القضاة لذات الجرم أو الجنحة مما يحدث تلك الرهبة التي ذكرتها فقد سمعنا عن تفاوت كبير في عقوبة سارقي السيارات مثلاً فقد يحكم قاضٍ بسجن السارق ثلاث سنوات وجلده 1500 جلدة فيما يحكم غيره بسجنه سنتين دون جلد وهناك من حكم بثماني سنوات وآخر سجن سنة ونصف وغيرها من الأحكام التي لا يربطها نسق واحد ومعيار واحد، بل لنا في أمثلة أخرى الكثير مما نستشهد به كالحكم الصادر في حق من تحرشوا بفتيات في نفق النهضة بالرياض ومن قام باغتصاب فتاة في القطيف أو الأحساء حتى أصبح الشباب يتداولون مقولة أن اغتصاب البنت أسهل من التحرش بها.
نحن نؤمن بأن ديننا الحنيف صالح لكل زمان ومكان لكن هناك من الجرائم والجنح ما هو حديث ويحتاج إلى وقفة في بحث مسبباته وبحث عدم تكراره والقضاء عليه وربما تدخل العقوبات كجزء لعلاج تلك الحالات وضمان عدم تكرارها فضلاً عن ضرورة تناسب العقوبة التعزيرية مع الفعل المرتكب ولن يحدث ذلك إلا من خلال وضع قانون مقنن وواضح للعقوبات التعزيرية التي لا يفترض إطلاقاً تفويض الأمر فيها لإنسان معرض لاختلاف مزاجه بين ساعة وأخرى.
ثم أن تقنين الأحكام التعزيرية فيه ما يؤدي إلى استقرار المجتمع وبالتالي دعم النظام العام الأمني والسياسي في البلد بحيث يعرف المواطن المرتكب للجنحة أو الجريمة العقوبة التي تنتظره والتي ربما لا تكون في سجنه وجلده بل في خدمة مجتمعه أو في خدمة الجمعيات الخيرية أو تحفيظه أجزاء من القرآن الكريم مما يوفر على الدولة الكثير من المصروفات فيما لو تم زجه بالسجن وجلده.
ثم لماذا لا يكون هناك قاضٍ في أقسام الشرط ينظر في الجنح والقضايا التي تستلزم البت فيها بشكل سريع والحكم فيها بشكل تعزيري، ألا يوفر ذلك الكثير من العناء على الجهات المعنية سواءً التنفيذية أو التشريعية أو الجهات التي تحتجز المتهم بشكل مؤقت ويساعد على عدم اكتظاظ السجون ويسهل من عملية نقل المتهم من وإلى أقسام الشرط والسجن والجهات المعنية بالتحقيق وإصدار الأحكام؟
إلى لقاء قادم إن كتب الله.
dr.aobaid@gmail.com