لأن المنطقة تتعامل مع أنظمة وأجهزة تتبع تلك الأنظمة، لا تمتلك ضوابط أخلاقية وسلوكية سوية، فإن الحالة هذه تتطلب يقظة عالية من الأجهزة الرسمية ومن المواطنين معاً.
منذ مدة ونحن وشعوب المنطقة نسمع تهديدات وتحريضات لا تصدر إلا ممن فقدوا الأخلاق والعقل معاً؛ فمن طهران ودمشق والضاحية الجنوبية في لبنان وبغداد نسمع أقوالاً تصدر ممن يمسكون بزمام السلطة؛ فبشار الأسد وعلي خامنئي وحسن نصر الله ومقتدى الصدر يهددون بحرق المنطقة لحماية نظام دمشق الذي يتهاوى تحت ضربات الشعب السوري، الذي نزع الخوف من قلوب أبنائه ويواجه النظام رغم كل أصناف التنكيل والقتل اليومي.
النظام السوري يطلق عليه متبنو نظرية ولاية الفقيه (نظام الممانعة)، وقد أثبت فعلاً أنه ممانع وبدرجة عالية، ممانع للرضوخ لمطالب الشعب بالحرية والكرامة والعيش الكريم، وبدلاً من الرضوخ لهذه المطالب، التي تُعَدّ - وهي كذلك - حقوقاً شرعية واجبة على كل سلطة تحقيقها لمواطنيها، يمعن بالامتناع عن تنفيذ حتى الحدود الدنيا، وبدلاً من أن يجلس مع المطالبين بالحرية والكرامة والعيش الكريم يطلق عليهم وحوشه من (الشبيحة) والجيش وأجهزة الأمن حتى أصبح لكل مدينة وقرية سورية أكثر من شهيد.
هذا النظام بدءاً برئيسه وأركان حكومته، وحتى سفيره في القاهرة، بدلاً من الاستماع إلى العقل والتعامل بمسؤولية مع قرار جامعة الدول العربية، ويبدؤون بالتنفيذ الفوري لقرارات الجامعة العربية بوقف القتل اليومي للشعب السوري وسحب القوات المسلحة و(الشبيحة) من المدن والشوارع السورية، والانخراط في حوار جاد وصادق مع الثائرين من أطياف الشعب السوري كافة، تفرغوا للتهديد وحرق المنطقة!
تهديدات بشار الأسد وسفيره في القاهرة وجدت صدى في طهران؛ حيث رفع مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من وتيرة التهديد، وصعّد حسن نصر الله لغة التهديد بالتعجيل بحرق المنطقة!
هذا الوضع المأزوم للنظام السوري وحلفائه في طهران ولبنان والمليشيات الشيعية في العراق تُرجم على الأرض هنا عندنا في منطقة الخليج العربي؛ فقد كشفت الأجهزة الأمنية في دولة قطر عن ضبط خلية تابعة لفيلق القدس مكوَّنة من أربعة بحرينيين من أصحاب السوابق الإرهابية، في حوزتهم خرائط ووثائق وأموال أمريكية وإيرانية لتنفيذ عمليات إرهابية، تتركز في تخريب جسر الملك فهد الرابط بين مملكتَيْ البحرين والسعودية والسفارة السعودية في المنامة ومبنى وزارة الداخلية في مملكة البحرين، وهذا غيض من فيض؛ فخلايا الإرهاب الإيرانية الطائفية التي كانت ساكنة تنتظر الإشارة قد صدرت لها الأوامر، وعلى الهواء مباشرة، سواء من خامنئي أو بشار أو حسن نصر الله. وإذ عجلت يقظة الأجهزة الأمنية في كشف رأس جبل الجليد فإن جبل الجليد لا يزال بحاجة إلى كشفه وفضحه، وهو موجود في كل دول الخليج العربي، وهذا يتطلب يقظة وحرصاً دائمين، سواء من الأجهزة المختصة أو المواطنين، وبخاصة المواطنين في دول الخليج العربي؛ باعتبار أن الأجهزة المختصة، وبخاصة أجهزة الأمن والاستخبارات، تعي ما ينتظرها في هذه المرحلة وتقوم بدورها المطلوب، إلا أن المطلوب تعاون وثيق وجاد من المواطنين كافة، خاصة أن داخل مجتمعاتنا الخليجية العربية من يقيم بيننا ممن ينفذون تعليماتهم، ومنهم من باع نفسه للأنظمة والجماعات الإرهابية؛ ما يستدعي مراقبة مَنْ حولنا، وألا نغفل أي تصرف مهما بدا بسيطاً وصغيراً.