قتلـه جبروتـه وظـلمه، قتـله غروره واستبداده وهمجيته في إدارة شؤون بلاده، حيث ظل ينكر أنه رئيس الدولة، ويفضِّل أن يلقب بملك ملوك إفريقيا لدرجة أضاع فيها بلاده.
وبقتله تكون قد طويت صفحة القذافي، بل سجله الأسود! وبدأت ليبيا بفتح صفحة بيضاء نأمل أن يجمع الله كلمة شعبها في السلام كما جمعها وقت الحرب والمعارك. كما نرجو من السياسيين أن يوفوا بعهدهم الذي قطعوه إبان الثورة بإقرار الدولة المدنية، لا سيما أن لدى ليبيا من القدرات والكفاءات ما يهيؤها لقيادة بلادها. وهو ما يتطلب من الحكومة الجديدة الجلوس على طاولة الحوار لبناء دولة القانون، فأمامهم مشوار طويل من الإعمار الفكري والسياسي والاقتصادي.
وبالإصرار على تحرير البلاد؛ أثبت الشعب الليبي صموده في اقتلاع جذور الشر وسيقانه وأوراقه!
وما نرجوه أن تقوم ليبيا من كبوتها التي دامت أربعة عقود وما تم فيها من إبعادها عن الحضارة والمدنية الحديثة، ولن يحصل ذلك ما لم يكن الشعب بجميع فئاته وأطيافه وأيديولوجياته قلباً واحداً ويداً واحدة ليستطيع بناء مؤسسات الدولة المدنية، ومبتدئاً عصراً جديداً من الحرية وقيام العدل واستقلالية القضاء والانتخابات النزيهة التي ينبغي أن تنبع من إرادة الشعب الذي دفع أرواح أبنائه مهراً لساعة التحرير والقضاء على مظاهر الظلم والاستبداد، واستطاع الليبيون بحق أن يسطّروا ملحمة تاريخية نادرة الحدوث بصمودهم وتكاتفهم، ووقوفهم في وجه الطغيان والاستبداد.
والسؤال المحير هو: كيف يمكن لشعب كان مغيباً ويرزح تحت حكم الرجل الواحد وفكره المعوج من خلال تمييز عنصري بين القبائل أن ينضوي تحت لواء حكومة يديرها القانون والنظام المدني وهو لم يجرب قط حكومة مؤسسات؟!
ويبدو أن هذه هي المهمة الصعبة أمام الحكومة الجديدة، ويتطلب منها الانتقال السلس من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، والاتفاق على نظام سياسي قائم على دستور واضح لا يحتمل التأويلات أو الاجتهادات التي قد تفضي للاستحواذ على السلطة أو سرقتها مرة أخرى! كما يحسن تجنيد عدة فرق من الثوار لإقامة نواة الجيش الليبي المنظَّم، وفتح الباب للباقين للانضمام إلى الأمن الداخلي اعترافا بجهودهم في تحرير بلادهم، والاستعانة بهم لضبط الأمور، والتحكم غير المباشر بعدم العبث بأسلحتهم التي استلموها إبان الثورة، والقضاء على البطالة المتوقعة. ولن يتم ذلك ما لم تسع الحكومة الانتقالية بتطوير المجتمع المدني وتحرير الناس من الخوف والقهر وتقبل الرأي الآخر؛ ليتمكنوا من المشاركة الفعالة في بناء دولتهم الحرة بعيداً عن الفكر الأحادي السابق.
ما نرجوه هو بث روح الأمل ومشاعر الطمأنينة في نفوس الليبيين بقيام عهد جديد من الأمن بعد سنوات من الحكم الاستبدادي.
وإننا لنبتهل لله عز وجل أن يبرم لأهل ليبيا أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل الضلال والفوضى والفساد. وأن يجنبهم الفرقة ويؤلف بين قلوبهم لما فيه مصلحة بلادهم.
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net