|
فقد الوطن رمزاً من رموزه، وركناً ركيناً من أركان حكمه، فقد ولي عهده الأمين، سلطان بن عبدالعزيز « سلطان الخير» فبرزت على السطح مآثره الجمة، يوم أن أدلى كل بحسبه، مقالات وتصريحات هنا وهناك لا تعد ولا تحصى، تبكي الرجل وتذكر محاسنه، فتلك لعمري علامة قبوله عند ربه إن شاء الله سبحانه، ولأني فضولي الطبع! فقد وقعت عيني بالصدفة على كتاب أهداه رئيس تحرير جريدة الجزيرة، لمعالي وزيرنا الدكتور (عبدالعزيز خوجه) بعنوان « لآلئ من الحب» أصدرته مؤسسة الجزيرة للصحافة، خصصته عن الأمير الراحل ( سلطان بن عبدالعزيز ) تناولت فيه سيرة ومسيرة سموه - رحمه الله - موثقة بالمعلومة والصورة، بوصف سموه مشاركاً في شؤون الدولة والحكم، في عدة مراكز مهمة إلى أن أصبح ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع والطيران والمفتش العام، ويأتي هذا الكتاب في سلسلة الكتب التي تبنتها صحيفة الجزيرة، وفاء منها، لرجال الدولة الأفذاذ، اشتمل الكتاب على اثني عشر باباً، تجاوزت صفحاته السبعمائة ورقة من القطع الكبير، حظي هذا السفر العظيم، بتقديم من سمو ولي العهد الأمين (نايف بن عبدالعزيز) قال عنه جاء في سياق «احتفاء مؤسسة الجزيرة التاريخي والإعلامي برموز النهضة الحديثة وقادتها في وطننا الغالي» وقال عنه معجباً « وقد أعجبني أن (الجزيرة) في هذا الكتاب-وقفت طويلاً عند مراحل حياة سلطان الأولى قبل توليه وزارة الدفاع..» كما حظي الكتاب بتصدير من رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك، أظن أن من يطلع على محتوى الكتاب، يستطيع أن يقطف مجموعة لآلئ إنسانية، لا يمكن حصرها من عطاءات (سلطان الإنسان، سلطان الخير) لدينه ووطنه ومواطنيه وأمته العربية والإسلامية، وحتى الدولية، عطاءات هذا الرجل الكريم، لا يمكن أن يحويها كتاب، فهي بحر لا شاطئ له، ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله، وفي هذا الخصوص قال الأستاذ خالد المالك في تصديره للكتاب « ومع أنني لا أعتقد أن كتاباً أو كاتباً يستطيع أن يلم بكل الصنائع المشرفة والكثيرة والمهمة لولي العهد الأمين سلطان بن عبدالعزيز حتى وإن جاء هذا الكتاب بحجم كتاب لآلئ من الحب» وصحيفة الجزيرة بهذا العمل الجبار، تقدم هذا العمل غير المسبوق - بظني - إضافة للمكتبة السعودية العامرة، ومادة خصبة للباحثين الذين يتوقون لمعرفة الكثير عن هذا الرمز، وخاصة طلاب الدراسات العليا، وتقدمه أيضاً لعموم الأجيال القادمةلتقف على جهود هذا الرجل «المدرسة» الذي سخر حياته وطوعها خدمة لدينه ومليكه ووطنه، وامتدت أياديه الخيرة لكل محتاج في بقاع المعمورة يبتغي بها وجه الله، حتى لزمه لقب «سلطان الخير» من وجهة نظري، فقد كسبت جريدة الجزيرة الرهان، وفازت بالسبق، وهي كذلك دوماً تخطو خطوات كلها إبداع في إبداع، نعم أثبتت مصداقيتها وجديتها واضطلعت برسالتها الإعلامية، حتى كان ذلك شعارها الذي تميزت به على نظيراتها من الصحف، وكانت مثالاً يحتذى، أخرجت هذه اللآلئ الذهبية المتلألئة حباً في الفقيد - رحمه الله- ووفاء له، ولم يكن عملها مرتجلاً - أو مسلوقاً كما يقال، أو جمعاً وتكراراً لما سبق نشره، بل كان مدروساً بعناية فاقت التصورات، وحتى العنوان كان متناغماً مع المحتوى، وصيغ بطريقة فنية جذابة، بعيداً عن التقليدي، مما يشي باهتمام بالغ ممن تولى شأنه، اشتمل الكتاب على معلومات لم يتم نشرها، وتوشح بصور جديدة للفقيد في مختلف مراحل حياته، وتلك خصيصة كانت سر تميز هذا الكتاب، وقد أكد على هذه الآلية في مقدمة الكتاب بالقول « صحيفة الجزيرة لا تريد أن تقدم للناس تكراراً لما نشر دون أن تضيف عليه وتغربله ثم تقدمه من خلال منهج يجمع بين الموضوعية العلمية والعرض الإعلامي الرصين» مجمل القول إن هذا الكتاب، يعد بمثابة بحث علمي رصين، نالت به الجزيرة - في نظري- درجة (الدكتوراه) بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، اتبع فيه منهج البحث العلمي، وسلك فيه المنهج الوصفي والإستقرائي معاً، مما هيأه ليكون مرجعاً وافياً، لمن يريد أن يقف على جهاد هذا الرمز الكبير وجهوده المثمرة على مدى أكثر من ستة عقود، لا سيما في مجالات أعمال الخير، حتى أن الباب الأخير في الكتاب جاء بوصف «سلطان بن عبد العزيز مؤسسة الخير العميم ..خالصة لوجه الله» وهو ما ينسجم مع وصف سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، لأخيه الراحل سلطان الخير بقوله « سلطان بن عبدالعزيز مؤسسة خيرية بذاته» بقي القول أن سطور هذا الكتاب وأبوابه وما احتوته دفتاه، عبارة عن لآلئ متلألئة مضيئة، كما النجوم في السماء، رحم الله «سلطان الخير» رحمة واسعة، وشكر الله سعي جريدة الجزيرة بكافة منسوبيها، وبالأخص رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك، على هذا المنجز الذهبي، الذي تستحق بموجبه، الوسام الذهبي ...ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail. com