|
مكة المكرمة ــ فاضل أحمد الحارثي
الموقف الأول: حين أصدر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- تعميماً برقم 3-ت-22229 وتاريخ 12-10-1399هـ، يؤكد فيه على عموم الوزارات ضرورة التنبيه على الشركات المتعاقدة معها بالمحافظة على حرمة المباني والمواقع الأثرية من التعدي عليها بالهدم والإزالة؛ حتى لا تقع الشركات تحت طائلة العقوبات حفاظاً على المباني التاريخية من الهدم والإزالة.
الموقف الثاني: حين أصدر سموه قراراً بإعطاء قصر (شبره) الأثري بمدينة الطائف لوكالة الآثار -آنذاك- ليكون القصر متحفاً إقليمياً تراثياً لمحافظة الطائف، وكان القصر مملوكاً لوزارة الدفاع والطيران ومقراً لمكتب سمو وزير الدفاع والطيران، وعندما انتقل مكتبه العام إلى حي الخالدية أصدر سموه أمراً بترميم القصر على نفقته الخاصة، واستلمته الوكالة العامة للآثار، وحولته الوكالة إلى متحف إقليمي يضم جميع المقتنيات الأثرية بمحافظة الطائف. وفي 19-5-1423هـ تفضل خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بالوقوف والاطلاع على المتحف الإقليمي لمحافظة الطائف، الذي يضمه قصر شبره الأثري، وكان يومئذ ولياً للعهد، وكان بمعيته صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- وقد تحدث في هذه المناسبة المشرف العام على الآثار -آنذاك- الدكتور سعد الراشد، وقال: (إن الزيارة تدل على اهتمام الدولة بالآثار التاريخية).
وهذا القصر كان يشاركه قصر المعلاه الأثري بمكة في روعة التخطيط والتنظيم والبناء المتميز، وكان مقراً لثلاث إدارات، هي: البرق والبريد والهاتف، وكان القصر عالي الارتفاع، يطل على شارع المعلاه الرئيس، وكان المناسب أن يتحول أو يتم تحويل القصر إلى متحف أثري تراثي للمقتنيات الأثرية بمكة، ولكن حالة الاستعجال أزالته وحلت محله عمارة جديدة.
الموقف الثالث: حين أصدر سموه أمراً بإيقاف العمل في جبل (الأصيفرين) بالمدينة المنورة والإبقاء على الجبل نظراً لمكانته التاريخية، وتعويض المواطن الممنوح أرض الجبل موقعاً مناسباً، بدلاً من تطبيق المنحة على أرض الجبل.
وأمر سموه الكريم يتفق تماماً مع الأمر السامي الكريم، الذي عممته وزارة الشؤون البلدية والقروية على الأمانات والبلديات عام 1403هـ، وينص على عدم تمليك قمم الجبال العالية وتطبيق المنح عليها إلا لمن يملكون صكوكاً شرعية قديمة التملك.
هذه ثلاثة مواقف تاريخية مجيدة، يسجلها تاريخ الآثار الإسلامية باعتزاز لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- حافظت على الآثار الإسلامية المتميزة، وصانت المعالم والأبنية التاريخية الشهيرة من أساليب الطمس والهدم والإزالة والإهمال.