مهما تنوّعت الرحلات واختلفت، فإنّ أعظم رحلة يقوم بها المسلم هي رحلة الحج، فما أن يحل هذا الموسم إلاّ ويستبد بالمسلم هوى جارف وحنين طاغ وشوق لهيف إلى بيت الله الحرام، ولقد اهتم الخلفاء بطرق الحج فكان هناك سبعة طرق رئيسة تأتي من أنحاء الدولة الإسلامية إلى مكة والمدينة، فحددوا فيها المسافات وأقاموا على جنباتها المحطات والاستراحات، ومن هذه الطرق (طريق الحاج البصري) الذي ينطلق من البصرة ماراً بشمال شرق الجزيرة العربية مخترقاً صحراء الدهناء إلى أن يمر في منطقة القصيم، وكان هذا الطريق عامراً بالحركة والحياة إلى أن تلاشى بتطوُّر وسائل المواصلات الحديثة ونشوء دروب بديلة.
وفي العهد السعودي الزاهر قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين بجهود كبيرة لخدمة ضيوف الرحمن وقاصدي البقاع الطاهرة، فقامت بإنشاء الطرق السريعة الموصلة إلى بيت الله الحرام، ووضعت على جنباتها مدنا للحجاج، والقادمون لمنطقة القصيم براً عبر طريق الرياض السريع تستقبلهم (مدينة الحجاج في مدينة بريدة)، فتقدم لهم التسهيلات والخدمات المتكاملة من جميع القطاعات الحكومية.
وتشارك الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة في فرع منطقة القصيم في مدينة الحجاج بشكل سنوي منذ عام 1416هـ وفق إمكاناتها المتاحة مع التعاون والتنسيق مع كافة أجهزة الدولة في خدمة ضيوف الرحمن وتقديم كافة التسهيلات والخدمات لهم في تحقيق أعلى درجات التميز والجودة، بما يحقق تطلعات ولاة الأمر - حفظهم الله -، وذلك عبر مقر ثابت تم تجهيزه لخدمة قاصدي بيت الله الحرام، فيتم تزويدهم بالماء والفرش والطعام والمشروبات الساخنة، كذلك القيام بنشر الوعي والإرشاد والتوجيه لمنع الأخطاء، وفق أسلوب حكيم وتعامل رفيع، وتوزع عليهم الكتيبات والمطويات والأشرطة، ويتم تجهيز معرض مصاحب لهذا المقر وذلك بشكل سنوي، ولقد لقي هذا المقر الإشادة التشجيع من كبار المسؤولين.
لقد دفعني لكتابة ذلك ما نُشر في صحيفة الجزيرة الغراء في عددها 14279 وتاريخ 6-12-1432هـ حول تفقُّد أمير منطقة القصيم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر آل سعود - حفظه الله - لمدينة حجاج البر الواقعة جنوب بريدة والتي تلقى من لدنه التشجيع والمساندة.
عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي