تعقيباً على مقال الدكتور إبراهيم بن عبد الله المطلق المنشور في جريدة الجزيرة في عددها رقم 14288 يوم الجمعة 15 من ذي الحجة 1432هـ ص28 بعنوان (هل نجح الإسلاميون بمغازلة أمريكا ودول الغرب؟) أقول وبالله التوفيق:
أولاً: لست كاتباً سياسياً كما أن المطلق ليس كاتباً سياسياً وإنما مدرس علوم شرعية في كلية شرعية، وتحليل الأحداث يحتاج إلى عمق ودراسة وخلفيات لا نملكها.
ثانياً: أنا لا أعرف لكلمة إسلاميين أيِّ معنى محدد، سوى أن الإعلام يجعلها في مقابل العلمانيين والليبراليين، فعلى حد تعبيرهم كل من انتمى للدين والدراسات الشرعية فهو إسلامي مهما قيل عنه، والإعلام العالمي وأكثره إعلام غير مسلم أوجد تسميات لمن يطلق عليهم (إسلاميين) فمنهم (في نظره) سلفيون ومنهم إخوانيون ومنهم منفتحون ومنهم منغلقون، وتسميات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.
أما أنا فلا أرى إلا أن خير تسمية وأفضلها وأشرفها أننا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أمة التوحيد أهل السنَّة والجماعة.. هكذا سمانا الله تعالى ورسول صلى الله عليه وسلم وما عدا ذلك فهي تسميات محدثة لا تطلق إلا على من سمى نفسه بها صراحة وتبقى خاصة به، والله تعالى يدعونا في القرآن الكريم إلى سبيله القويم ويحذّرنا من سبل الشيطان ويوضح القرآن أنّ الناس فريقان لا ثالث لهما، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} فأي تخريب يدعو إليه الكاتب ويؤصّله وليس أمام الله تعالى سوى: من زكا نفسه أو من دساها من يُؤتى كتابه بيمينه ومن يؤتى كتابه بشماله، والنصوص في ذلك كثيرة من القرآن الكريم والسنَّة النبوية.
ثالثاً: أعود إلى لفظة (الإسلاميين) التي كررها إبراهيم المطلق ثلاث عشرة مرة في مقاله، فهذه الكلمة لا وجود لها في تاريخنا ولا في شرعنا ولا في لغتنا، وإنما شرَّفنا الله تعالى وأكرمنا بكلمة أخرى وردت نصاً في كتاب الله تعالى، قال عزَّ وجلَّ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} (الحج 78).
أما كلمة إسلاميين فإنها من وضع أعداء المسلمين ليفرّقوا - كما أسلفت- بين المسلمين ويجعلوهم أحزاباً وفرقاً متطاحنة، والواجب على علماء الشريعة البعد عن المسميات الباطلة ورد كيد الأعداء في نحورهم وتأكيد وحدة الأمة والوقوف عند مصطلحات القرآن والسنَّة.
رابعاً: المقال مليء بالأخطاء اللغوية التي لا تقبل من طالب جامعي فضلاً عن دكتور، ومن أهم الأخطاء التي وردت في المقال (كتيارات) والخطأ كاف التشبيه في غير محلها (واستلام) والصحيح (تسلم)، أما لفظ (استلام) فهو اللمس والمسح باليد وهو خاص بالحجر الأسود والركن اليماني في الكعبة (الإمكانيات) وهذا خطأ شائع والصحيح (إمكانات) جمع (إمكانة) (استلموا) كسابقتها!! (كرّسها) كلمة لا وجود لها في معاجم اللغة بالمعنى الذي تستعمل له الآن وإنما لفظة محدثة ومصطلح إعلامي جديد!! ويمكن أن يستعمل بدلها: عَمَّقها، قوَّاها، أوجدها وغيرها.
خامساً: (وقد اكتشفت أمريكا ودول الغرب عدم صدق الإسلاميين وجديتهم بالدعوة للإسلام الحقيقي وتطبيقه..) لا أدري متى كان ذلك الاكتشاف ومن قال به.. ويُهوِّن الأمر أن (لفظ إسلاميين) لا معنى له - كما أسلفنا - ويكفينا فخراً واعتزازاً أن المملكة العربية السعودية دولة إسلامية، والشرق والغرب يعرفون أنها جادَّة وصادقة في التمسك بالإسلام وتحكيمه وهي مثال يحتذى في ذلك وعلماء المملكة هم القدوة الحسنة في فقههم ودعوتهم وتعاونهم مع الحكام لحماية البلد وأهلها من الفتن والأحقاد ومؤامرات الأعداء، وقد حفظ الله هذه البلاد بتوفيقه وحرسها من كل سوء.
وأخيراً ما أحوجنا إلى جمع كلمة المسلمين، وتوحيد صفوفهم واتباع منهج السلف الصالح في التعامل مع الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ورحم الله امرءاً قال خيراً فغنم أو سكت فلسلم.. وعلماء الشريعة لا يقبلون من طبيب أو مهندس أن يُفتي في الدين فلماذا نخالف ذلك ويأتي من المنتسبين للعلوم الشرعية من (يُفتي) في غير مجاله ويأتي بتحليلات ليست من مجاله وقد شرّفه الله بالاشتغال بأجل العلوم وأشرفها الفقه والتوحيد والحديث والتفسير.
عبدالعزيز بن صالح العسكر