«ليس عيباً أن نخطئ، لكن العيب أن نستمر في الخطأ، أو ألا نستفيد من أسبابه في مستقبل أعمالنا. هكذا كان إيماننا بأن البكاء على الماضي لا يفيد، والجمود بعد نجاح تجربة ما.. لا يحرك تيار التطوير».. بهذه الفكرة يبدأ خالد الفيصل كتابه (كلمات) ليؤكد من خلاله على خط النجاح المتوازي دينياً واجتماعياً الذي انتهجه في حياته. كلمات الفيصل التي تضمنها كتابه جاءت على حقب زمنية مختلفة وتحولات اجتماعية وفكرية عاشها مجتمعنا على مدى أكثر من ثلاثة عقود هي المدة التي جمع فيها الفيصل كلماته في هذا الكتاب، مع ذلك أول ما يلحظ القارئ هو ثبوت الخط الفكري برغم التغيرات التي يخوضها المجتمع، الخط الفكري القائم على التوازن وعلى وضوح الأهداف، وأولها (الوطن) السمة المشتركة في كل الكلمات مع مُختلف المناسبات سواء ثقافية أو سياسية أو دينية.
أكتب هنا وأنا أشعر بالحرج خوفاً من الانزلاق نحو خانة المديح، هذا المديح الذي رفضه خالد الفيصل حينما اجتمع معنا قبل حوالي شهرين في سوق عكاظ بالطائف، إذ قال: «لا نريد مديحاً شخصياً ولا مديحاً لأي مسؤول، نريد النقد البناء»، لم يفاجئني طلبه، فقبله كان هذا الطلب قد أتى عن والده القائد العروبي الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي اشتكى للمواطنين من وزارة الإعلام لنشرها صوره الخاصة أو القصائد أو الأغاني التي تمدحه، فمثل ذلك القائد لا يحتاج إلى أي مديح أو ثناء، ومثله ابنه -الخالد- لأن أعمالهم لا تنتظر قولاً من هذا ولا إشارة من ذاك. مع ذلك أعتذر من خالد الفيصل، فرجل مثله لا بد من ذكر حقيقته، وحقيقته هي صورة أمامنا يحفها إطار من نور التميز والثقة والنهضة والعروبة.
في كتاب كلمات، تحدث خالد الفيصل عن والده -الإنسان- ومع ذلك لا أجده قد أوفاه حقه، إذ إن الملك فيصل كان قائداً وزعيماً عربياً لا يتكرر، مع ذلك لم يأخذ ذلك الأسطورة حقه من الإعلام كما ينبغي، ولا في المؤلفات والكتب والسير الذاتية، فمثل ذلك الرجل من المهم أن يخرج لهذا الجيل، ولكل جيل. صحيح أن من أنجب لا يموت، وصورته يعكسها أبناؤه ونراها في خالد وسعود الفيصل اللذين لا يقلان عن والدهما ذلك الرجل الذي لا يموت لأنه مخلوق في قلب العروبة.
في كلمات خالد الفيصل نبض يحمل هم التنمية والرؤية الحضارية، ينتقل من مكة إلى باريس، ويجمع القيم المشتركة التي يؤسسها الإنسان والمأخوذة من حضارة البلد وتاريخه ونهضته التي لا يمكن أن تنفصل عن الماضي بعراقته وأصالته، والتي منها جذورنا التي تنمو متناسقة مع متطلبات العصر واحتياجاته.
في كتاب كلمات وجدت منهجاً فكرياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً وتنموياً يقدم وصفة وطنية مكثفة لأزمان مختلفة وتوثيقها تاريخياً مع ما مر حولها من متغيرات.
يكتب خالد الفيصل إهداءً للقارئ، يقول فيه: «أجمل الكلمات أقلها حروفاً.. وأبلغ الجمل أقلها كلمات»، ويخصني بإهدائه اللطيف الممهور باسمي فله الشكر على ذلك، وله الشكر على هذا التوثيق.
www.salmogren.net