لا أعرف كيف يصدّق الناس من كانوا في صلب السلطة ثم تحوّلوا فجأة إلى معارضة تشجب وتدين النظام الذي كانوا هم أحد أركانه الفاعلة، بل من يملكون القرار ولكنهم استغلوا الفساد السياسي حتى الثراء الفاحش، ثم ولسبب يتعلّق بالسرقات أو تقليص سلطتهم أو اختلافهم مع أسيادهم السابقين هربوا إلى الخارج لينضموا إلى المعارضة.. وهكذا يصبحون في مأمن عن شركائهم السابقين في الحكم (!!) والذين كانوا يهتفون بحياتهم كأبواق كبيرة وضخمة ضلّلت المواطنين طوال التصاقهم بالسلطة، بل إن المصيبة الكبرى هي ادّعاؤهم الأجوف بأنهم كانوا ينصحون الحاكم ويأخذ برأيهم أحياناً.. وأحياناً كما يدّعون (يطنّشهم) ويركب رأسه ويفعل ما يريد. ولكي ندخل في صلب الموضوع لست أدري كيف قفز (شلقم) ليصبح معارضاً لحكم القذافي في الوقت الذي كان فيه بمثابة الرجل الثاني في ليبيا بعد القذافي. وكذلك لسنا ندري كيف قفز (خدام) ليطلق التصريحات من الخارج بعد تأرجح الحكم. وفي تونس لسنا ندري كيف أصبح راشد الغنوشي في واجهة الأحداث في تونس طمعاً في الكرسي. وفي العراق ما إن اهتز عرش صدام حتى ملأ ضباطه السابقون الصحف والإذاعات والتلفزيونات ليتحدثوا عن طغيان صدام.. وأقصد بالذات السامرائي والخزرجي اللذين نفذا بقبضتهما العسكرية كل أوامر صدام حسين. بالطبع كل مَن ذكرناهم كانوا من أعمدة الحكم في بلدانهم ولكن كما يقول المثل: (في النهاية يختصم اللصوص على الغنيمة) والغنيمة هنا هي مقدّرات بلدانهم وجعل مواطنيهم يعيشون على الطوى والفقر والقمع.
يبقى القول أخيراً: كيف يقبلهم الحكم الجديد في بلادهم بعد زوال رؤسائهم السابقين.. ولكن صحيح كما يقال: (من خان صاحبه الأول كيف يأمنه الثاني).