لا نريد ثناءً مبالغاً فيه، ولا نقداً غاضباً، تجاه جهاز « هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، كما تقول بعض «الأصوات والآراء» التي تنادي برفع إفرازات «وصاية الهيئة» عن المجتمع، هذه «الوصاية» التي لم نرها ولم نعرفها إلاّ من خلال أقوال «هؤلاء», بكل تأكيد نريد «نقداً هادفاً» وبنّاءً لتقويم هذا الجهاز وعمله.
فنحن «نعيش ونتعايش» مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بانسجام، كما «نعيش ونتعايش» مع كافة الأجهزة الأخرى في المجتمع، التي قد تصيب أو تخطئ «جهاتها التنفيذية» تبعاً لظروف كل حالة، «فرجل الهيئة التنفيذي» في الميدان «قد يخطئ», كما «يخطئ» رجل المرور، أو رجل الشرطة، أو موظف البلدية أو غيرهم من الجهات التنفيذية الأخرى والشواهد كثيرة، نحن لا نقر ولا نقبل «الخطأ» من أي جهة، فلماذا تفرّغ البعض لتهويل أخطاء «موظفين تنفيذيين» تسعى جهاتهم العليا لتطويرهم وتدريبهم أكثر وأكثر, وهم بحاجة تعاوننا ومساندتنا دوماً، فلا أحد فوق القانون، حيث يتم محاسبتهم على أخطائهم كما يتم محاسبة «أي موظف آخر»، ولا ينكر دورهم في «مكافحة» الفساد الأخلاقي، والسحر، وضبط الآداب العامة في المجتمع, وغيرها من المنكرات والمخاطر، إلاّ جاهل، أو مكابر, أو منتفع من هذا الفساد، فمن يحارب «الفضيلة « في المجتمع « أشبه» بمن يدعو» للرذيلة» !!.
هذا الأسبوع خرجت علينا «آراء جديدة» تطالب بوضع «نصوص واضحة « بالمنكر والمعروف حتى يتم تعميمها على المواطنين، على اعتبار أنّ «المنكر» عند شخص ما قد يكون «عادة» عند آخر، مع اختلاف «أمزجة البشر وطباعهم»، فما تستنكره أنت قد يكون مقبولاً عند آخر، عبر تفكيك عمل الهيئة من «جهاز إداري» إلى «قضية فكرية»؟!.
ولا أدري هل من يطرح مثل هذا القول يعيش معنا في «مجتمع واحد» متجانس يعرف الصواب والخطأ تربى عليه وتعلّمه في المدرســــة والمسجد والبيت، أم يكتب مـن «جزر هاواي»، وهل «المنكر أو المعروف» عندنا يخضع لمزاج أو عادة أحد، أم هو دين وعقيدة وآداب مجتمعية تتمسّك بها كل أطياف المجتمع.
كفانا تجنياً على «الهيئة ودورها»، فإني أظن أنّ «موضة» الهجوم والارتقاء على «أخطاء الهيئة» للبروز والشهرة قد انتهت، مع تطوّر عمل «الهيئة» واختفاء العديد من «السلبيات والأخطاء التنفيذية» السابقة من بعض الأعضاء، وباتت الأمور اليوم أكثر وضوحاً, وإنْ كنا ننتظر المزيد من التطوّر، فالهيئة أكثر «تجاوباً» ولم نعد نسمع عن مصادمات، بقدر ما نسمع عن مشاريع لتوعية المجتمع والاقتراب أكثر من الشباب واحتضانهم، فلنضع «أيدينا بأيديهم» لحماية مجتمعنا من الرذيلة والخطر.
لا أنصب نفسي مدافعاً عن «الهيئة» فهم ليسوا بحاجة لدفاعي، فأعمالهم «خير شاهد» ولكن نحن «كإعلاميين» يجب أن نكون على قدر كبير من المسئولية، وأن لا نقبل بالتجنّي والقفز على الثوابت والقول بأنّ جهاز الهيئة «حير الكثيرين»!!
فلا «حيرة» من عمل «الهيئة» اليوم إلا عند من يخشى أن تحاربه الهيئة، ولا يمكن تفكيك وتفصيل رجل هيئة خاص لكل «إنسان « حسب «فكره ومزاجه» فهناك «ضابط مجتمعي» متعارف عليه مستمد من سماحة ووسطية ديننا وأمتنا، وهو ما يوجب أن نرقى به ونطوّره جميعاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net