يعيد حادث حريق مدرسة للبنات في جدة، فتح ملف مدارسنا ومبانينا العامة، وقواعد ومعايير السلامة والأمان فيها.
والحقيقة أن فكرة تخيل احتمال حدوث حريق في أي مجمع تجاري أو خاص أمر مخيف للغاية، في ظل وعي عام محدود للتعامل مع الظروف الطارئة، وهو تقصير تتحمله الأجهزة الأمنية التي تخلو من برامج توعية عامة لمواجهة طارئ.
لكن إعادة فتح ملف سلامة المنشآت العامة ومواجهتها للأخطار والحوادث أو حتى الكوارث الطبيعية إعلامياً، لن يكون كافياً دون الاتجاه مباشرة إلى مصادر التقصير وأسبابه والتعامل معها.
والذهاب مباشرة للجهة المقصرة، كما في حال إهمال المنشآت وعدم التعاطي بجدية مع جوانب ومعايير السلامة والصرامة في تطبيقها، ودقة التراخيص وتجديدها ومراقبة بنودها.
وصولاً إلى بحث احتمالات ضعف المعالجة عند مباشرة موقع الحادثة، والتقصير أو الخلل في إنقاذ المتضررين ونقل المصابين وتقليص المفقودين ونجدة المكروبين، ومعالجة المصابين للحد من الخسائر البشرية أولا.
إن التراخي في الإجراءات المتعلقة بالوقاية، ثم مرحلة المباشرة، هي جوانب حياة أو موت لا يجوز القبول بإغفالها أو إهمالها.
بل مهم التشدد في معاقبة المقصر، إقالته أو إجباره على تقديم فوري لاستقالته، -وليس الهدف العقوبة بحد ذاتها أو الاستعراض بتنفيذها، لكنها تعطي رسالة قوية للانضباط المسؤول، وتلغي حالة عدم المبالاة في أداء المهمات العامة في جهازنا الحكومي المركزي الضخم، حيث لا يجوز غض الطرف عن استمرار الإهمال في تفاصيل مهمة تتعلق بحياة الناس ومصائرهم.
في موضوع السلامة والصحة وأرواح الناس وعوائلهم وذويهم ورزقهم لا بد من الصرامة في مواجهة التقصير لرفع صافرات الإنذار عالياً.
إنه الحزم الغائب أيها السادة في حق كل مقصر، حزم من شأنه أن يرفع مستوى الأداء في القطاعات الحكومية المختلفة، ويجعل عين المسؤول تتسع لمراقبة أمانة تحتاج إلى دق طبول للتذكير دائماً بقدر ثقلها وجدية مسئوليتها.
لا شك أن الرأي العام سيكون مرحبا، بل ومحتفل بإقالة -أو استقالة- أي مدير مهما كان منصبه، أو صاحب مركز مهما بلغت سلطته، بسبب تقصير أو إهمال أو فساد أو سوء إدارة، وهو ما يحقق إعادة الثقة والحيوية للإدارة الحكومية من جانب، ويجعل الموطن يشعر بقيمة الاهتمام من جانب ثانٍ، ويرفع باستمرار دقة أداء -أي قطاع- من جانب ثالث.
لذا نسمع في الأخبار إقالات واستقالات يتبعها تحقيقات في «الواق واق»، حين تحدث كارثة -كوارث مشابهة.