كنت في زيارة الأسبوع الماضي لمدينتي المفضلة جِدة (عروس البحر الأحمر) وهي الزيارة الثانية خلال شهر واحد بعد مدينتي الأولى (عروس الصحراء) والتي يعود الفضل لله ثم لسمو الأمير سلمان (يحفظه الله) الذي تبناها حتى أصبحت بحق من أفضل المدن العالمية تطوراً. أعرف جِدة منذ نحو أكثر من خمسين عاماً عندما كان لنا منزل في أحدث أحياء جِدة في ذلك الوقت وهو حي (السبيل) والذي تحول الآن الى أحد الأحياء العشوائية.
جِدة المدينة السياحية الأولى بالمملكة وبوابة الحرمين الشريفين وبها أكبر الموانئ التجارية ليس في المملكة وإنما في المنطقة. جِدة تضم في جنباتها نحو ثلاثة ملايين نسمة من مواطنين ووافدين. جِدة التي لا تنام ليلاً (أنا لا أحب ذلك) فالليل جعله الله لباساً والنهار معاشاً. أحب فيها رائحة البحر ومشاهدة البحر عن بعد (حيث إني أخاف من البحر).
لا بد من الإشارة لمن يسكن خارج جِدة إذا أعطى موعدًا في الصباح أن يعرف أنه بعد العاشرة صباحاً وليس قبلها لأن من يسهر ليلاً لا يمكن أن يحضر لمكتبه باكرًا كما على الساحل الشرقي وبالذات بمدينة الجبيل الصناعية فهي مدينة عمل ولا تكاد ترى أحداً الساعة العاشرة مساءً في الشوارع.
لقد حظيت مدينة جِدة بالعناية منذ القدم باعتبار معظم حجاج بيت الله الحرام يفدون من خلالها بحراً وجواً منذ عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كما حظيت في العهد السعودي بالعناية والتطوير لنفس السبب وشهدت تطويراً سبق معظم المدن السعودية.
في زيارتي الأخيرة لاحظت ان جِدة ورشة عمل خلال الأربع والعشرين ساعة وفي سباق مع الزمن فيما يتعلق بمعالجة تصريف السيول والتي تحظى بأولوية قصوى وبمتابعة شخصية من سمو أمير المنطقة والتي وصلت في الإنجاز الى أكثر من 95%. ومع علمنا بحرص سمو الأمير خالد الفيصل اهتمامه بجعل مدينة جِدة فعلاً (غير) ومعالجة أوجه القصور في الشوارع والتقاطعات والصرف الصحي والمواقف والوصول الى الكورنيش وممارسة السباحة وكذلك أسعار الفنادق التي زادت نحو 50% بتعرفه هيئة السياحة الجديدة في الآونة الأخيرة وبالذات للفنادق المطلة على البحر وفك اختناقات المرور بالذات على طريق المدينة المنورة وتكدس الدوائر الحكومية والخدمية في مناطق مزدحمة مثل داخل البلد وطريق المدينة المنورة والحاجة الى فتح فروع لهذه الجهات الخدمية.
إن بصمات سمو الأمير خالد الفيصل ستظهر قريباً على جِدة لتجعلها (فعلاً غير) ولكن بشكل إيجابي وهو الإداري المحنّك المتصف بالحلم والحنكة والحزم وما زالت منطقة عسير تشهد بأعماله ومنجزاته المميزة كإداري وشاعر وفنان انعكست كلها على المنطقة فأصبحت كأنها لوحة فنية.
ولعل كثرة متطلبات التطوير للمنطقة بأكملها تستدعي إنشاء هيئة عليا لتطوير المنطقة أسوة بهيئة تطوير الرياض وما حققته من إنجازات.
باختصار:
قال الله تعالى في محكم كتابة العزيز: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} يونس67
وقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
والله الموفق؛؛؛
(*) مستشار إداري واقتصادي
musallammisc@yahoo.com