طوله 75 سم من الذيل للرأس، وارتفاعه عن الأرض 25 سم عند الكتف، وزنه 15 كغ. صغير الحجم، لكن عظيم «الموهبة»! له مخالب قاطعة وأسنان حادة غير منتظمة، لونه أسود مع بياض على الظهر. يكثر في الجزيرة العربية وإفريقيا والهند. فيه شبه كبير بالظربان وابن عرس، ولكن هنا ينتهي التشابه، فهذا الكائن الصغير شيطان بمعنى الكلمة! إنه غرير العسل. هذا كائن خُلِق ليعيش مقاتلاً وناجياً. يركض طوال الوقت ليبحث عن طعام ولا يكاد يرتاح، يقطع في اليوم الواحد 40 كيلومتراً وهو يجوب الأرض باحثاً عن صيد. مما يجعله طويل العمر هو أنه لا يمانع أن يأكل كل شيء وأي شيء. إنه يأكل النباتات بشتى أنواعها، ولا يفرق بين الثمرة والبصلة والجذور، كلها يأكلها. وكما يتضح من اسمه فهو يأكل العسل، فينقض على خلية النحل ويبدأ في التهام عسلهم الذي تعبوا في صنعه، ولا يكفيه هذا بل هو أشد رغبة في أكل يرقات النحل، ويأخذون في لدغه وهو لا يبالي، لأن جلده شديد. غرير العسل يأكل الميتة، القوارض الصغيرة، الطيور، العقارب، الحشرات، السحالي، الضفادع، حتى السلاحف، وفكه القوي يتيح له ذلك، فيلتهم كل أجزاء الفريسة، بما في ذلك الجلد والشعر. حتى البشر يأكلهم! ليس الأحياء طبعاً، فقد رُؤي في الهند وهو يحفر القبور ليأكل الجثث. أما أشهر ما عُرف بأكله فهو أكثر كائن إثارة للرعب للبشر وحتى للحيوانات: الحية. غرير العسل يعشق التهام الأفاعي! حتى ثعبان الكوبرا ذو السم المركّز القاتل وجبة شهية لغرير العسل ولا يخاف منه. لا أدري ما تفسير ذلك ولكني شاهدت مقطعاً من فلم وثائقي لقناة ناشنل جيوغرافيك عن هذا الحيوان ورأيته يأكل الحيات، وفي مقطع مدهش التقط فريسة صغيرة من فم أفعى وأخذ يأكلها والحية تراقبه، ولما انتهى وجد أنه لم يشبع، فالتفت وقرر أن يأكل الأفعى، ولما اقترب منها هددته بانقضاضاتها السريعة، وأخذ يناورها ليتفادى لدغاتها، ولكنها لسعت وجهه، بعدها انقض عليها وقضم رأسها، وأخذ يأكلها، وبعد فترة قصيرة بدأ مفعول السم فإذا بوجهه ينتفخ وعلامات الحياة تختفي ويسقط على ظهره وظاهره أنه ميت، وبعد ساعتين إذا به يقوم وكأنه استيقظ من نوم لا كأنه تلقى لسعة سامة قاتلة! ولا يبدو أن أحداً يعرف تفسير ذلك ولا كيف لا يضره السم. نفس الغرير صوروه في اليوم الثاني وهو يركض عائداً لجحره وفي فمه أفعى قد قتلها. أينما هربت الأفاعي فإن هذا المخلوق يلاحقها، سواءً أسفل الصخور أو بين الشيرات، وله مقطع مصور وهو يطارد حية من النوع النفاث شديد السم هربت منه إلى أعلى شجرة، ودار بينهما صراع لمدة 13 دقيقة على رأس الشجرة انتهى بمقتل الأفعى وظفرت الغرير بنصف كيلو من لحم الأفاعي لها ولابنها. إن تضافر هذه القدرات جعلت من غرير العسل كائناً لا يكاد يستطيع أي شيء أن يقتله. الكائنات المفترسة لا تستطيع عادة أن تقتله لأن جلده بالغ القوة فلا تنفذ الأنياب والمخالب من خلاله، والجلد مرن جداً ويسمح له بالتقلب والحركة حتى لو أطبق عليه فهد بفكيه، ويأخذ في التصارع ومحاولة الخلاص إلى أن ينجو. من خصائص رأسه أن عينه صغيرة وأذنه ليست إلا فتحة في جانب رأسه، وهذا يجعل العينين والأذنين أقل عرضة للخطر مما لو كانتا بارزتين وكبيرتين. والصيادون الذين حاولوا صيده باستخدام الكلاب عرفوا ذلك، فإذا عضه الكلب فإنه لا يموت، ويأخذ في الالتفاف والعراك الشرس حتى وهو بين أنياب الكلب بسبب جلده الفريد، والذي يستطيع تحمل عدة ضربات من مدية أو خنجر ولا يُجرح أو ينقطع، وآمن طريقة لقتله هي بطلقة من بندقية ضخمة أو ضربة قوية بأداة صلبة كمطرقة كبيرة، وقد حاول الكثير من الفلاحين قتله بالرماح والأسهم فإذا بجلده لا يتأثر بها!
حصل غرير العسل على لقب «أشجع حيوان في العالم» عام 2002 من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ونظراً لما لديه من القدرات المبهرة والشجاعة الفائقة فلن أستغرب لو حصل على اللقب كل سنة، وحُقَّ له!