في منزله العامر بالرياض رعى حكيم العرب وسيد الإصلاح في زمن قلّ فيه المصلحون وكثر العابثون رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- المصالحة اليمنية التي نسأل الله أن يتمها على خير ما يرجوه لها كل محب لليمن ولهذه الأمة العربية والإسلامية، هذه الأمة التي عصفت بها في أقل من سنة الكثير من العواصف والكثير من الزوابع المخيفة.
وقف عبد الله بن عبد العزيز مع الإخوة في اليمن منذ أول يوم من أزمتهم موقفاً مشرفاً يدل على بعد نظره -حفظه الله- واستمر يتابع هذا الملف المؤلم ولم يهن ولم يضعف على الرغم من المنغصات وعلى الرغم من المتغيرات ولكنه إيمان عبد الله بن عبد العزيز الذي لا يعرف الهوان ولا يعرف الضعف؛ فهو الذي يقول دوماً إننا متوكلين على الله والله لن يخذلنا.
وقف عبد الله بن عبد العزيز وكله أمل في أن يأتي اليوم الذي يجد الإخوة في اليمن جلوساً على طاولة المصالحة وكان له ما أراد -بفضل الله- فكان قصره العامر في الرياض مكاناً لائقاً لهذه المصالحة التاريخية لليمن، نسأل الله أن يبقيه سعيداً وأن يعين رجاله على أن يفوا بما التزموا به أمام وبين يدي خادم الحرمين الشريفين حكيم العرب وكبيرهم.
إن هذه الفتنة التي عصفت باليمن الشقيق وأججها من أججها من أعداء وحمقاء تصل اليوم إلى نقطة النهاية وتبدأ مرحلة من أخطر مراحلها وهي مرحلة الصدق والوفاء وتغليب مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية والحزبية, لقد دمرت التحزبات سواء السياسية أو العقائدية الكثير من الشعوب وجعلتهم فرقاء بعد أن كانوا صفاً واحداً ويداً واحدة، ولذا، فكل عاقل لا يتمنى أن تكون بلاده بلاد أحزاب مهما كان بريق هذه الأحزاب لامعاً مبهراً ولكنها في النهاية سراب يقتل ولا يروي من عطش.
اليمن بدءاً من هذا اليوم يدخل مرحلة جديدة من مراحل الوحدة الحقيقية التي ينشدها كل عقلاء اليمن وكل محبي اليمن أرضاً وإنساناً, فعلى الإخوة في اليمن أن يستفيدوا من هذه الفرصة العظيمة التي تحققت بفضل الله ثم بفضل خادم الحرمين الشريفين وإخوته في دول مجلس التعاون الخليجي, وهي جهود كانت مضنية وأخذت من التسويف والمماطلة ما يجعلها تموت لو كان القائمون عليها لا يشعرون بعظم المأساة وعظم الخطر الذي يحيط باليمن.
وقف الملك عبد الله بن عبد العزيز وقفة الرجل الصادق الرجل المستشعر بأهمية الانتصار على الهوى والشيطان وأعوانه وأصم أذنيه عن كل قول نال من هذه البلاد في موقفها الواضح والصريح من هذه الأزمة حيث كان موقف هذه البلاد صريحاً منذ البداية أن لا مكان للفوضى في اليمن مهما كلف الأمر، وكان رد المثبطون كافياً بأن يجعل المملكة تتخلى عن دورها وبالتالي تعم الفوضى ويهلك الحرث والنسل في أرض اليمن.
إن السعادة التي غمرت قلوب أبناء اليمن بهذا الاتفاق غمرت أيضاً قلوب كل أبناء المملكة العربية السعودية, فالدم اليمني الذي سال طوال الأشهر العشرة الماضية كان مؤلماً لكل قلب سعودي.
إننا نتطلع إلى يمنٍ سعيد تعمر أرضه ويرتقي إنسانه ويعمه الأمن والأمان ليكون سعيداً، بحكمة رجاله (الحكمة يمانية) ويكون خير معين لاستقرار المنطقة وازدهارها. والله المستعان
almajd858@hotmail.com