بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها لحل الأزمة اليمنية من قِبل الرئيس علي عبدالله صالح والأحزاب الفاعلة على الساحة اليمنية، من المعارضة وحلفائها والحزب الحاكم وشركائه، تكون منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد أكدت جدارتها وقدرتها على حل الإشكالات والأزمات العربية.
الأزمة اليمنية والحالة اليمنية بصفة عامة لها من التعقيدات وتضارب المواقف السياسية والاجتماعية للقوى السياسية والقبلية والتأثيرات الإقليمية ما يجعل كثيراً من القوى الدولية حتى المؤثرة منها تحجم عن التدخل للتوسط في حل الأزمات والمشاكل التي كثرت في الآونة الأخيرة في اليمن، إلا أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي يُعَدّ أمن اليمن امتداداً لأمنها الجمعي، والساحة اليمنية عمقاً استراتيجياً لإقليم الخليج والجزيرة العربية، ترى أنه من الواجب عليها أن تعمل وتُسهم بقوة للحفاظ على أمن اليمن؛ ولهذا لم يكن مقبولاً أن تظل متفرجة على ما يجري في هذا البلد الذي هو فضاء استراتيجي لإقليمها، فضلاً عن روابط الدم واللغة والدين والجيرة؛ ولهذا جاء التحرك الخليجي نحو اليمن دون أي أهداف قطرية أو لتحقيق مصالح توسعية أو تدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، التي هي وحدها ما يحذر الجميع من التورط فيها. ولقد كانت نقاط الدعم والقوة في التحرك الخليجي نحو اليمن هي المخزون الكبير من الحب والتقدير والثقة التي يشعر بها اليمنيون جميعاً تجاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بصفة شخصية، ونحو المملكة العربية السعودية التي لم تقصر في أي شيء نحو اليمن.
ولأن الأطراف اليمنية جميعاً، سواء الرئيس علي عبدالله صالح والحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) وحلفاؤه، وأحزاب المعارضة بكل أصنافها، تعي تماماً أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز يتعامل مع جميع اليمنيين بمسافة واحدة، وأنه يقدم مصلحة اليمن على ما سواه، وأنه لا يهدف إلا إلى تحقيق الخير لليمن وطناً وشعباً، كان لإسهامات الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتدخلاته لإزالة العوائق التي اعترضت في مراحل معينة الأثر الكبير في الوصول إلى مرحلة التوقيع على المبادرة.
إسهامات وتدخلات خادم الحرمين الشريفين لصالح إعادة اليمن إلى طريق الاستقرار والتنمية، ودون إعلانها، ساهمت كثيراً في إنجاز التسوية التي كادت تفشل أكثر من مرة.
جهد خادم الحرمين الشريفين والثقل السياسي والمعنوي للمملكة العربية السعودية وقادة ودول مجلس التعاون أنجز هذا الحل، الذي كان يُعَدّ صعباً، إن لم يكن مستحيلاً؛ وهو ما يعزز قدرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي على قيادة العمل العربي وتفعيل التحرك والتفاوض العربي؛ لمعالجة الأزمات والمشاكل التي تعصف بأكثر من بلد عربي.