اختيار سورية مقاطعة اجتماع جامعة الدول العربية، والذي عقد في المغرب - قبل أيام-؛ لمتابعة قرار تعليق عضوية دمشق، يؤكد أن: كل الخيارات التي اتخذتها دول المنطقة؛ لردع النظام بوقف الحملة المسلحة ضد الاحتجاجات الشعبية، قد فشلت.
وأن النظام غير جاد في التعاطي مع العمل الدبلوماسي، سوى عجزه عن تبرير سياساته الدموية بحق الشعب السوري، وأنه لم يع الدرس -جيداً- من تجارب الثورات العربية الأخرى.
مع الأسف، فإن التعاطي الدموي للتظاهرات الشعبية في سورية؛ لإرواء شجرة النظام، واستمراره، واستخدام أداة القمع، سيجعل الظروف أكثر تعقيداً.. وسيمر النظام بمرحلة خانقة نحو تدهور شديد، سيصعب التعافي منه بسهولة. إذ إن سحق الحياة السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، خيار أثبت فشله. فالقمع الرهيب، لن ينتج حراكاً ناضجاً في نهاية المطاف.. -ولذا- فإن العمل على تجريم قيادات النظام السوري في قضايا ضد الإنسانية، أمام محكمة العدل الدولية، مطلب مهم.. -خاصة- وأن هذه الممارسات الإجرامية، باتت سلوكاً يومياً، وأمراً عادياً، يمارسه جلادو النظام دونما وجل، أو خجل.
لا أعتقد أن هناك حلاً؛ لتسوية الأزمة القائمة، سوى الاهتمام بمطالب الشعب. فالثورة شعبية واسعة النطاق، تشمل كل أطياف الشعب السوري، وقد تفاقمت الأزمة على نحو خطير، وصلت الأمور معها إلى طريق مسدود. ومن المهم -عندئذ- دراسة الأوضاع بإيجابية، وإدارة التطورات بمهارة، والتحكم بوجهتها بما يتناسب مع ظرف المرحلة، وهي أمور في غاية الأهمية؛ ليأتي في مقدمتها: احتواء الاحتجاجات، والإسراع في تنفيذ آليات معالجة الأوضاع، ومن أهمها: رفض الاستبداد السياسي، ورفض الفساد بصوره المختلفة، وأشكاله المتعددة.
يمكن قراءة ما سيؤول إليه المشهد السياسي المتأزم في البلاد، بأن كل المعطيات تشير إلى أن النظام السوري، سيواجه عزلة عربية؛ لأنه لم يف بالوعود التي قطعها على نفسه في الجامعة العربية، بما يتعلق بوقف أعمال العنف؛ بل إن هناك من يذهب إلى احتمال تحرك دولي، وإقليمي، يزيد من أسباب تلك العزلة. وهو ما يعني: أن كابوساً ثقيلاً، سيلقي بظلاله على صانعي القرار في سورية. فاستمرار الأزمة من دون أفق حل سياسي، دليل على أن النظام لم يكن أكثر حكمة، أو شعوراً بالمسؤولية، -لاسيما- وأن سطوة النظام، وبشاعته، كانت أكبر من إرادة الرئيس.
drsasq@gmail.com