في المقالة السابقة كان الحديث عن أن الأسواق المالية العالمية تبحث عن الحقيقة بواقع اقتصاديات الدول والمناطق الكبرى اقتصاديا حيث تخفي حكومات تلك المناطق الحقيقة إلى الآن عن الأسواق حسب وجهة نظر المستثمرين وهذا ما أوجد تقلبات حادة فيها
لكن السؤال الذي يطرحه المستثمرون في السوق السعودي ماذا ينتظر السوق حتى يحدد اتجاهه فقد استقر السوق لعدة سنوات في منطقة 6000 آلاف نقطة وتحديدا بعد الأزمة المالية العالمية وبالرغم من تحسن أرباح الشركات كثيرا وانخفاض مكررات ربحية السوق وتحديدا القطاعات القيادية والمهمة وانخفاض المخاطرة بالسوق وفقا لمستوى الأسعار باستثاء بعض الشركات ذات الطابع المضاربي والتي يتركز جلها بقطاع التامين.
فالسوق المالي قطع شوطا كبيرا بعملية التحديث والإصلاح والهيكلة قد تكون غير مسبوقة بحجمها وفترتها الزمنية بالمنطقة وزاد عدد الشركات إلى ما يقارب 150 شركة ومع ذلك مازالت أحجام السيولة منخفضة والجاذبية للاستثمار تبدو محدودة ونسبة المشاركين بالتعاملات تراجعت بشكل كبير ولم تعاود الارتفاع قياسا بحجم المشاركين سابقا أو عدد المحافظ المسجلة، وإذا كان جل المتعاملين محقون بابتعادهم عن السوق بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم قبل خمس سنوات إلا أن هناك فجوة معلوماتية وتثقيفية بين واقع السوق والمستثمرين أو عموم الجمهور.
وإذا كان الاقتصاد الوطني يعيش مرحلة ذهبية من حيث قوة الإنفاق العام وحجم المشاريع والنشاط الاقتصادي الكبير وانعكاسه على أرباح الكثير من القطاعات إلا أن ذلك لم يساعد على تحسن التعاملات وجذب أموال جديدة بحجم كبير وإذا كانت القاعدة تقول إن السوق قائد للاقتصاد وإنه يسبق النتائج بحركته إلا أن ذلك لم يحدث بينما لم يحقق السوق وجهة النظر الأخرى التي تقول إن السوق مرآة للاقتصاد وهنا يعود السبب أن القطاعات المستفيدة إلى الآن بالاقتصاد الوطني جلها ممثلة بشكل ضعيف بالسوق أي أن الشركات المدرجة ببعض القطاعات التي تستفيد من الحصة الأكبر من الإنفاق الحكومي ليست هي صاحبة الحصة الأكبر من حجم هذا الإنفاق.
وبذلك فإن السوق المالي لابد وأنه ينتظر تحركات بقرارات أو إجراءات تعيد الثقة للسوق وتفتح نوافذ عديدة لتدفق السيولة له بما يساعد على تحسن التعاملات والوصول بأسعار السوق إلى مناطق أكثر عدالة وتساعد على تدفق الأموال لتنشيط عمليات تمويل الشركات عبر سوق الأسهم أو الصكوك وترفع من معدل التداولات وتسمح بطرح المزيد من الشركات والمهمة منها تحديدا بمختلف القطاعات وكذلك التمويل عبر الصكوك والذي مازال محدودا رغم النشاط الاقتصادي الكبير وحاجة الشركات من داخل وخارج السوق للتمويل.
فهل السوق المالي أصبح بحاجة لعملية هيكلة تسمح بفتح قنوات السيولة له خصوصا أنه أصبح القطاع الاستثماري الوحيد الغير متضخم بالاقتصاد وعائده قياسا بسعر الفائدة جيد وفي تحسن مستمر وإذا ما تراجع التضخم إلى مستويات أقل من عائد السوق الموزع فعليا فإن جاذبية السوق تصبح بلا منافس أو عائق وهذا أمر متوقع مما يعني أن السوق أصبح بحاجة لإصلاحات مختلفة تركز على إزالة العوائق أمام تدفق الاستثمارات للسوق فإلى متى يبقى السوق منتظرا تلك الحلول الأساسية؟.