|
إنّ تواتر الأحداث المحزنة والمؤسفة لحوادث المباني المدرسية التعليمية (المدارس الحكومية والخاصة)، وبالخصوص مدارس فلذات أكبادنا من البنات، يحز في النفس ويدعو للتساؤل مئات المرات لماذا وكيف تحدث مثل هذه الحوادث. هل بسبب ضعف الرقابة على المباني، أو عدم وجود وعي بأهمية الرقابة والصيانة الدورية، أو بعدم تطبيق ضوابط واشتراطات السلامة من الأصل. إنّ أرواح بناتنا الطالبات وأخواتنا المعلمات لا تقدَّر بثمن لا سيما وأننا فقدنا طالبات ومعلمات في سن الزهور.
إنّ التقنيات الحديثة في رقابة المباني والمنشآت، أخذت بالتطوُّر يوماً تلو الآخر، وذلك بسبب تطوُّر التقنية في كافة جوانب مكوّنات المباني: الإنشائية، المعمارية، الميكانيكية والكهربائية، إضافة إلى جوانب السلامة والأمان. إنّ التقنيات الحديثة التي أريد أن أوردها باختصار أصبحت في البلدان الغربية أمراً ملزماً يجب التقيّد به، سواء في المباني المدرسية الحكومية أو الخاصة. لعل بعض التقنيات الحديثة موجودة بالمملكة، إضافة إلى الرقابة الدورية، لكن الإشكالية في من يطبق ويتابع عمليات الرقابة وبالأخص في مدارس البنات لضعف الكوادر النسائية المؤهّلة والمدرّبة.
إنّ من التقنيات الحديثة على سبيل المثال، تطبيقات وتقنيات نظم المعلومات المكانية Spatial Information Systems and Techniques والذي يتيح متابعة أنظمة الرقابة في الميدان وعن بُعد، بواسطة أنظمة التحكم الإلكتروني لبعض أو كل مكوّنات المبنى، مثل أنظمة التحكم الكهربائية والميكانيكية للمصاعد، ومكائن الضخ على سبيل المثال. ومن التقنيات الأخرى الأجهزة الكفية Pdas Devices التي تحتوي على نماذج وتطبيقات الرقابة اليومية لكافة عناصر المبنى، ضمن جدول زمني محدد لكل مهمة ولفترات زمنية متزامنة يومية، نصف شهرية، ربع سنوية، موسمية وسنوية. إنّ جوهر الفكرة في تطبيق التقنيات الحديثة، هو جعل متخذي القرار لعمليات متابعة ورقابة المباني والمنشآت المقدرة على معرفة حالة المبنى على مدار الساعة، وتوفير المعلومة الدقيقة لكافة تفاصيل المبنى، بهدف اتخاذ القرار من صلاحية المبنى للاستخدام من عدمه.
من الأمور المثيرة للدهشة والاستغراب أثناء زياراتي لبعض المدارس في ولاية غرب أستراليا للمرحلة الابتدائية، أنها مكوّنة من دور واحد، والسبب في ذلك هو التوصل إلى أقصى درجات الحذر والسلامة والأمان لعمليات الإخلاء والهروب، في حالة حدوث أي أمر طارئ، مع وجود ساحة كبيرة مفتوحة تساعد على التجمع في حالات الطوارئ، كما هو موضح في الرسم التوضيحي المرفق.
لعلّي أخلص في نهاية هذا المقال إلى أنّ استخدام التقنيات الحديثة في عملية رقابة المباني والمنشآت أمر مُلح، بهدف مساعدة المسئولين في وزارة التربية والتعليم لمتابعة سلامة وأمن المباني لمستخدميها بشكل دوري، وتزويدهم بالتقارير اللازمة في وقت مبكر، بهدف تلافي حوادث الحريق وكوارث الانهيارات لا سمح الله. ولعل من الأمور الأخرى المهمة إيجاد الكوادر البشرية المتخصصة والتي يفترض أن تكون لديها الدراية الكافية بمتطلّبات الأمن والسلامة، وتطبيقات التقنية الحديثة من أجهزة ومعدّات وبرامج معلوماتية متطوّرة.
سعود بن عيسى أبو شايقة*
* مخطط ومصمم عمراني
باحث الدكتوراه في مجال رقابة المباني والمنشآت باستخدام تقنيات نظم المعلومات المكانية - جامعة كيرتن للتقنية بولاية غرب أستراليا