أمس انتهى عامنا الهجري 1432، وابتدأنا عامًا جديدًا 1433هـ غير خالين من التوجس والوجل, وإن أعلنا تشبثنا بالأمل؛ جاءتني مكالمات من الأقربين ورسائل كثيرة من المعارف والأصدقاء تبارك بالعام الجديد وتستمطر الدعاء وتطلب مبادلتها التمنيات الطيبة والدعاء والإستغفار.. كل عام وأنتم وكل من تحبون بخير؛ عساه يكون كما نتمنى جميعا عام أكثر استقرارًا أمنيًا, وإرضاءً ماديًا ونفسيًا للجميع على خارطة الجوار العربي والامتداد الإسلامي.
***
عام انتقل خلاله الكثيرون إلى رحمة الله؛ بعضهم بصورة طبيعية بسبب العمر والمرض.. وأغلبهم بطرق مؤسية عنيفة: في حوادث المرور, والاعتداءات، والجرائم, والكوارث: زلازل وفيضانات, وحرائق عفوية أو مقصودة، وبالأوبئة. وفي هذه هو عام مثل أي عام يحمل المنجزات ويحمل الموت والحمام. ولكنه تميز بين الأعوام بكونه عامًا تفوق في تصاعد أعداد ضحايا الموت الذي حمله التزاحم أو الرصاص أو زجاجات المولوتوف أو الأسلحة المهربة في الشوارع الدموية، وبالتعذيب الرسمي والفردي الشوارعي.
عام عج بأخبار انعدام الإستقرار والأمن والسلام داخليا في كثير من الدول.. حتى وهذه الدول ليست في حالة حرب معلنة مع عدو خارجي! ولا جاء الموت استشهادا في ميادين الدفاع عن حياض وطن ضد هجمة غادرة من عدو واضح الملامح جاء غازيا مسلحا بأسلحته! بل سقطوا في ميادين أمها المواطنون ليصرخوا بكل اللهجات العربية مطالبين بحقوق المواطنة!
كان عاما مأساويا بامتياز للمسلمين بصفة خاصة: عاما من الثورات عربيا, والتأجج الطائفي بالذات خليجيا.. مليئا بالتغيرات السلبية وتآكل التعايش بين الأقليات وحيرة المتناقضات بين منجزات العقود السابقة وتهتك الأشهر القريبة.. والوجل مما ستحمله الأيام القادمة.
آخر ماقرأت من أحداثه عربيا تفاصيل شفافية تقرير لجنة التحقيق في ما حدث في شوارع البحرين, مقارنة بعتمة ما ارتكبه «الشبيحة» في الشوارع السورية, وتجدد العنف من جديد في الشوارع المصرية, وتعيين الجنزوري, وإصدار أحكام بالسجن بين خمسة الى ثلاثين عاما لمتهمي التحريض في المملكة، واتفاقات وقعت في الرياض تؤذن بتغيير النظام في اليمن ومغادرة رئيسه الى الولايات المتحدة.. ثم الأقرب الأقرب: الإضطرابات في الجوار في القطيف.
و الأسوأ مما حدث في الشوارع المضطرمة، ما حدث بين جدران المباني الرسمية في المدن المضطربة؛ مثل ما فعله «مجهولون» من استهداف وتعذيب دون تحديد. ومثل مامرت به الزميلة الإعلامية المصرية الدكتورة منى الطحاوي بين ميدان التحرير ووزارة الداخلية من إصابات بين التهديد بانتهاكات جنسية, والانتهاء بكسور جسدية. كل هذه كانت أحداثا غير معتادة.
الأسوأ ما انتهى به عامنا من كوارث ما كان يجب أن تحدث وحدثت لأننا نمارس منطلق معالجة الأزمات وليس الإستعداد المسبق والوقاية بمنع مسببات الحوادث الأمنية الواضحة خير من العلاج: مثل ما حدث من الإصابات نتيجة للحرائق في مدارس البنات: كيف يمكن أن نسمح بإجراءات يومية تسمح بمدارس ببوابات مقفلة وبحواجز حديدية تقفل الشبابيك في مبانٍ مكتظة بالطالبات؟ تجعلهن ضحايا مستقبلية تحولهن كل حالة حريق, بسبب تماسٍ كهربائي أو بفعل فاعل, مرتهنات سجن نتائجه موتهن في حالة أية كارثة!
ادعوا معي بعام قادم يحمل ما هو أفضل. وعظم الله أجرنا جميعا في كل ما حدث وفي كل ضحية سقطت قبل أجلها بفعل فاعل حاقد أو جاهل أو متقصد إظهار المسؤولين بصورة مقصرين, فأضاف بفعله الى الوجع الإنساني في عام من الوجع العام.