العراق الذي يحتاج إلى ماء نقي وإلى كهرباء تنير منازل العراقيين، التي يفرض عليها التعتيم أكثر من نصف اليوم، ما لم تستنجد بمولد كهربائي خاص.. العراق الذي يفتقر إلى أبسط الخدمات التي يحتاج إليها الإنسان المعاصر، تُنجده إيران الملالي بابتعاث ممثل لولي الفقيه؛ لربط المرجعيات الشيعية بولي الفقيه «الأكبر» في طهران.
وكأن العراق عاد إلى القرون الوسطى عندما كان الولاة والمفتون وفقهاء المذاهب يعينون من خارج العراق؛ فهو يخضع الآن للمنطق نفسه ونهج مد الولاية المذهبية لخدمة الأهداف السياسية.
فقد وردت معلومات مؤكدة من داخل النظام الإيراني بتعيين «آية الله» هاشمي شاهرودي «ولياً فقيهاً» للعراق!
شاهرودي هذا، المنحدر من مدينة شاهرود في محافظة خراسان الإيرانية، واسمه بالكامل محمود هاشمي شاهرودي، أحد مؤسسي حزب الدعوة الذي يرأسه نوري المالكي، وكان ناطقاً باسم الحزب في الثمانينيات عندما كان الحزب يمارس نشاطه خارج العراق، ويقيم قادته في إيران وسوريا، وقد استبق قرار تعيينه من قِبل ولي الفقيه «الأكبر» علي خامنئي افتتاح مكتب في العراق، وقد أعلن في وقته أنه لا يأتي للعراق للشارع الشيعي فقط، وإنما لكل العراقيين!!
من طلب من هذا الشهرودي أن يكون مرجعاً أعلى لكل العراقيين؟ هل هو استباق لخروج القوات الأمريكية، وإعلان بتسليم العراق إلى إمبراطورية «ولاية الفقيه»، الذي يعين ممثلاً له، وعلى كل العراقيين عرباً وأكراداً وتركماناً، شيعة وسنة؟!!
هل هذا ما كان يقصده نظام الملالي في طهران بقوله إن إيران قادرة على إملاء الفراغ السياسي في العراق عند رحيل الأمريكيين؟!!
ثم كيف يقبل العراقيون بتنصيب ولي فقيه للعراق، خاصة أهل الشيعة، ولهم مرجع يقلده كثير من شيعة العراق، هو علي السيستاني..؟! أم أن إرسال هذا الشاهرودي، الذي يؤمن بنهج ولاية الفقيه، قصده تجريد السيستاني من مكانته وعزله مثلما حصل لحسين فضل الله الذي اغتصب موقعه حسن نصر الله ممثل علي خامنئي في لبنان..؟!!
إنه ضم قسري من إمبراطورية ولاية الفقيه لدول عربية مهمة؛ لتصبح العراق «الولاية الثانية» في هذه الإمبراطورية بعد ولاية حسن نصر الله في لبنان!
