عندما كنا على مقاعد الدراسة الجامعية في أوائل الثمانينيات الميلادية كان من ضمن القاعة طلاب من القطيف ومن قرى ومدن المملكة، وكان زملائنا من أهل القطيف يتصفون بالطيبة والتسامح ومازالوا ورغم أن حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران مشتعلة في ذلك الزمن إلا أنهم كانوا يباعدون بأنفسهم عن التعاطف أو الميل إلى إيران, وكانت المواطنة السعودية والعربية هي الأعلى صوتاً والأوحد ومازال أهل القطيف الشرفاء يتصفون بالمواطنة والانتماء للأرض والولاء للدولة ولا أحد يزيد على ذلك... لكن في الأحداث الأخيرة في القطيف ظهرت بعض الأصوات المندسة وكشفت عن نفسها في وسائل الإعلام الأجنبية عندما أعلنت صراحة عن مطالبها وهي مطالب التميز في المواطنة والتميز عن باقي المواطنين في العطاءات والحقوق والفرص المالية والوظيفية بحجة أن النفط يتدفق من تحت أقدامهم, وكأن النفط يجري تحت أقدام فئة مذهبية محددة، وأن شرق المنطقة الشرقية خالص لفئة مذهبية أو قبلية أو عرقية واحدة وان النفط في بقع مذهبية محددة... والجميع يعلم أن النفط يتدفق وبغزارة في ثلاث مناطق : الشرقية والوسطى والغربية وان مساحة دائرة النفط تغطى ثلثي المملكة، وإذا أرادت فئة مذهبية أن تميز نفسها لأنها ضمن دائرة النفط الواسعة فإن من حق ثلثي سكان المملكة التميز... وهذه ضد المواطنة الحقة أن يكون هناك تمايز بين أبناء الشعب باعتبار أنهم ينتمون لمذهب معين أو منطقة محددة أو طائفة أو عرق بعينه, فبلادنا قامت على الوحدة الجغرافية والسكانية والثقافية...
وتوجه بعض إخواننا في القطيف بالمطالبة بالتميز بدوافع خارجية ودعم إيراني معلن هذا يضر بالمحافظة وسكانها, ويؤدي إلى الرفض المجتمعي السكاني من محيطها القريب في المنطقة الشرقية ويثير الشحناء وغضب المدن الأخرى شرق المملكة وباقي المناطق التي ترى أنها تملك نفس الخصائص والمرتكزات الاقتصادية من نفط وغاز وغيره بأن يتميز أحد عليها لمجرد انه التف بعباءة إيران... وهنا لابد أن تكشف الحقائق الجيولوجية والطبوغرافية والسكانية في شرق المملكة والمناطق الأخرى وأن الطبقات الحاملة للنفط والغاز تمتد من أعلى شمال شرق المملكة وحتى جنوبها الشرقي في رمال الربع الخالي, وتمتد طبقات النفط في الدخول حتى تصل إلى شرقي مدينة الرياض، وجنوب منطقة الرياض وكذلك الحال من أعلى شمال غرب المملكة وحتى جنوبها الغربي وهذه المناطق غنية بالمعادن والغاز, وان سكان شرق المملكة ليس خالصا لمذهب أو طائفة أو عرق أو عشيرة معينة فهو يحمل أخلاطا من السكان وتركيبات اجتماعية مختلطة تعود إلى عصور الألف الثالث قبل الميلاد، وبأن إيران لها أطماع تاريخية في بلادنا منذ عهد الممالك العربية قبل بعثة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم، وان انتصارات العرب في فجر الإسلام وإسقاط مملكة ساسان والقضاء على الإمبراطورية الفارسية في البدايات الأولى من حركة نشر الإسلام ووصول الجيوش العربية إلى عاصمة بلاد الجبال في إيران مازالت مرارة وغصة في حلق الشعوبيين في إيران، ومازالت المملكة بصفتها حاضنة للعروبة تتلقى أحقاد وسموم من تسكنهم أحلام فارس العظمى ومملكة ساسان التي تسعى أطماعها إلى أن تمد نفوذها على الخليج العربي ودول الجزيرة العرب.
a4536161@hotmail.com