ها هو (س.ف) ينهض مبكراً من النوم، يحدق في السماء الملبّدة بالغيم الأبيض الشفّاف، يتشمّم رائحة المطر مثل طيور الصحراء. يتذكّر عطش البيد للمطر، يتناول فنجان قهوته الصباحية التي (تشدا خضاب الخونداه.. الجادل اللي عند أهلها طموحي) يتناوش جريدته اليومية ويفتحها على الصفحة الأولى ثم يشرع بقراءة العناوين هكذا: الخبر الأول (محاكمة علنية للمتورطين في كارثة جدة)، يفرح ملء القلب ويقول في ذاته (ما أجمل الشفافية) وما أروع مكافحة الفساد، وليحيا الوطن.
ينتقل إلى الخبر الثاني فيقرأ بكلتا عينيه ونظارتيه أيضاً (خادم الحرمين الشريفين يوجّه بإطلاق اسم الأمير محمد بن عبد العزيز على مستشفى شرق الرياض) تنتابه الغبطة المباغتة ويهتف بأعلى الصوت (يحيا المليك) فهذا الخبر طالما انتظره منذ أعوام لأن شرق الرياض بأمس الحاجة إلى مستشفى حكومي لأن وضع المستوصفات في تلك المنطقة لا يسر الصديق، بل لا يسر حتى العدو وأعني بالعدو المرض (أبعده الله عنكم).
بعد ذلك يقرأ عنواناً ثالثاً يقول: توجه حكومي لدعم صناعة حليب الأطفال محلياً. وبين الفرح والترح يبتهل (اللهم ابعد الغش عن الأطفال على الأقل!!) يقرأ زوايا الزملاء ثم يطوي الجريدة ناهضاً (لا شيء يحدث لا أحد يجيء إن هذا لفظيع يا للهول!!).
***
يمتطي (س.ف) حصانه الحديدي ويرخي عنانه باتجاه الصحراء. يقف عند أول محطة على طريق الثمامة للتزوّد بالماء فيرى أفواجاً من العمالة العاطلة التي جاءت من بلدان شتى بطريقة غير قانونية. ويقول (الله يستر) يمر باعة الحطب فيجد أن الحطب قد التهب سعره قبل أن يلتهب بالنار. فيقول (لا حول ولا قوة إلا بالله).
يرى حظيرة خراف فيقول ما أجمل الشواء في هذا الجو الرائع ولكن البائع اللا رائع يصفعه بالسعر على وجهه لذلك يهرب لإكمال دربه فيرى عند تقاطع محطة خزام حادثاً مروّعاً لطالما رأى قبله في ذلك المكان يجتاحه الأسى ثم يعود إلى البيت.