المحافظة على القيـم والآداب العامة والسلوك الســوي من سمات المجتمع المتوافق، وقيم وآداب مجتمعنا رصيد منقول لنا ممن سبقونا، بما في ذلك من تجارب ثقافية ذات المصدر والطابع الإسلامي، ومع ما يعيشه العالم ونحن جزء منه، من ثورة تقنية المعلومات، والتي طالت شعوب الأرض لسهولتها وقوة تأثيرها، ونقلت بكل يسر ضمن منقولاتها عادات وتقاليد الشعوب المسيطرة عليها، والتي أدركت أهميتها ونقلت عبرها ما ترغب نقله للآخرين عبر الوسائل المعلوماتية المختلفة، في مقابل ذلك وللأسف الشديد خسرنا كثيرا من المبادئ والقيم الحسنة التي كانت تميز مجتمعنا عن غيره، وأصبح لدينا سلوكيات لم نعرفها من قبل، تتنافى مع آداب الطريق مثل:
1- بعض قائدي المركبات تشاهده معزولًا عمن حوله في أجواء صاخبة من الموسيقى والأغاني التي تنقلها سماعات مضخمة للصوت، يخيل لك أنها أكبر من السيارة التي وضعت بها، تجبر الجميع على السماع رغم الكراهية، وكأنه ليس في شارع عام، له حقوق وآداب، لم يحترم هذا السائق مستشفى يئن مرضاه من الألم، زادتهم هذه الأصوات ألمًا على ألم، ولم يحترم مسجدًا يقف بجواره، ولا مشاعر المصلين فيه ورغبتهم في الخشوع لله في صلاتهم.
2- بعض مظاهر الفرح في بعض الأعراس تسبب التعاسة للآخرين! وهذا ما يحدث عند عرقلة السير وقصره على موكب العريس، فالمفترض في الفرح أن ينثر عبيره على من شاهده، وأن يكون القائمون عليه كبياعي المسك، لا أن يتسيب في مضايقة الآخرين وإغلاق الطريق أماهم، وإجبارهم في السير خلف المحتفى فيه، دون تقدير لظروف عابريه، فقد يكون من بينهم مريض يحتاج الثواني قبل الدقائق، أو مسافر فوت موكب الفرح رحلته، وموعد إقلاع طائرته.
3- عند وقوع حادث سير يقف الطريق ويغلق، ليس بسبب الحادث بل بسبب التجمهر لإشباع رغبة الفضول والمشاهدة، مما يمنع سيارات الإسعاف والمسعفين، وقد يصل الأمر لمنح الهواء والأكسجين عن المصابين، نعم قد يحتاج المصابين إلى مساعدتهم، لمن يعرف مبادئ الإسعاف للحفاظ على سلامتهم، وليس لهذا الكم من التجمهر القاتل، وليس لمن ضعفت أخلاقهم واهتموا بتصوير الحدث والمصابين دون احترام لخصوصيتهم، ودون اكتراث لمصابهم.
لهذا أمثلة من الواقع تتضح معها الصورة، فالقيم والعادات والتقاليد في صراع بين الفيئات المختلفة في المجتمع، وما كان حسنًا في زمن قد لا يكون على حاله في زمن آخر، ولن يبقى ويقاوم عوامل التغيير العاتية دون صيانته والمحافظة عليه، والمسئولية هنا مشاعة ليست حصرا على الحكومة وأجهزتها المختلفة وليست قصرا على الأفراد، بل المسئولية عامة تشمل أجهزة الدولة المختلفة عبر برامجها وسياساتها التي تسعى لتحقيقها وعلى الأسرة ودورها في التربية والتوجيه والإرشاد، وعلى الفرد بضبط سلوكه وأداء دوره البناء، ولعل أهم الوسائل لمواجهة بعض السلوكيات المرفوضة النقد الهادف عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتي ينبغي عليها ألا تتجاهل بعض الممارسات الخاطئة، أو تجامل مرتكبيها، لأنها تعطي صورة سلبية للمجتمع وتخوله الحصول على مقعد متقدم في التخلف واللامبالاة، وعلى الأعلام أن يُضمِّن أجندته الإعلامية تصحيح السلوكيات المرفوضة والدخيلة على المجتمع، فهذا دور وطني وفرض عين لا فرض كفاية.