يبدو أن التقنية الحديثة لن تنفع في مراقبة بعض التعديات على الأراضي، خاصة تلك التي يمارسها مسؤولون على درجة وظيفية عالية، فبعد أن نشرتُ مقالي عن مراقبة التعديات، يوم السبت الماضي، نشرتْ مجلة «سبق» الإلكترونية تقريراً عن تعدي وكيل وزارة على أرض بجانب بيته في وسط المدينة. وعلى الرغم من أن البلدية لم تسكت على هذا التعدي، وأنها تحاول جاهدة إعادة الأرض إلى الملكية العامة، إلا أن ذلك يدل على أن المراقبة التقنية لن تجدي نفعاً في مجال التعديات، في ظل الظاهرة العامة التي لا يزال البعض يؤمنون من خلالها بأن التعدي على الأملاك والحقوق العامة هو القاعدة، وأن الالتزام بالمحافظة عليها هو الاستثناء.
هذا هو المخيف في الأمر. لقد انتشرت التعديات ليس على الأراضي فقط، بل على الحقوق والواجبات، في المدارس والبنوك والطرق والمستشفيات والجامعات والقنوات التلفزيونية وحتى في الاحتساب. وحينما نبحث عن السبب، سنجد أن هناك من يقول، إن من يلتزم بحقوق وأملاك الآخرين، ما عنده سالفة، وأنه يغرد خارج السرب. أما من يتعدى على حقوق الآخرين وعلى الأملاك العامة وعلى القيم والأنظمة، فهو السنافي واللحية الغانمة!