بنجاح انتخابات مجلس الشعب في مرحلته الأولى يكون عقلاء مصر وحكماؤها والذين يشكِّلون الشريحة الأكبر من شعب مصر، يقودهم المجلس العسكري الأعلى، قد كسبوا التحدي، وأفشلوا كلَّ الرهانات التي كانت كثيراً من القوى الخارجية تراهن عليها، بعد أن وجدت فئة قليلة تتعامل معهم لخدمة توجهات سياسية قصيرة النظر أو لمصالح حزبية ضيقة، وحتى لمكاسب مادية.
نجاح المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية التي جرت في تسع محافظات هي الأكثر حساسية وخطورة على الأمن، والأكثر تحدياً لمسيرة التحول الديمقراطي التي يقودها المجلس العسكري الأعلى هو الأهم، إذ إن المحافظات التسع وخصوصاً محافظة القاهرة تضم ميادين التحرير والعباسية ومصطفى محمود، والأسكندرية ميدان جامع البطل إبراهيم، ومحافظة بور سعيد ومحافظة أسيوط بتنوعها الديني ومخزونها من العداوات والثارات بين الأسر.
تخطي المرحلة الأولى بنجاح فاق تقديرات كل المتفائلين وإسقاط من كانوا يعارضون الانتخابات والذين دعوا بخجل لمقاطعتها يعطي دعماً قوياً للبرنامج الذي يسير عليه ويطبقه المجلس العسكري الأعلى، ويعزز فرص نجاح المرحلة الثانية من الانتخابات التي ستتم في تسع محافظات أخرى، وصولاً إلى إكمال الانتخابات البرلمانية بإجراء المرحلة الثالثة في المحافظات التسع المتبقية لتكون محافظات مصر السبع والعشرون قد اقترع ناخبوه ليصبح لمصر مجلس شعب منتخب أفضل من كل المجالس التي جرت منذ عام 1952 حتى الإطاحة بنظام حسني مبارك.
تجربة التحول الديمقراطي المبني على التمثيل الأقرب للصحة لمكونات الشعب المصري وقياداته الحزبية والسياسية يشجع الممسكين بزمام الأمور، المجلس العسكري الأعلى ومجلس الوزراء الذي سيُعلن عن تشكيلته بعد أيام، ومجلس الشعب المنتخب على السير قدماً لبناء مصر المستقبل وإعادة التوهج لدور مصر المحوري سواء على الصعيد العربي أو الصعيدين الإقليمي والدولي.
ومهما أفرزت الانتخابات البرلمانية من نتائج، ومهما كانت هوية الفائزين بثقة الناخبين فلابد من احترام إرادة الشعب، الإرادة الحقيقية التي عبرت عنها صناديق الانتخابات، وهو الأسلوب الذي تسير عليه كل شعوب العالم، أسلوب يحترم عقول المواطنين ولا يعتمد على دغدغة عواطفهم.