أتت المبادرة العربية من أجل سوريا وهي تحاول أن توقف حمام الدم المتناثر هناك، وربما محاولة لتذكير نظام بشار المتهالك بأنّ أسلوب أبيك لا يليق مع هذا الزمان، وأنه إنْ كانت وسائل الإعلام ضعيفة سابقاً، والقوى القطبية في السابق قد حمت أباك وأقاربك عندما ارتكبوا جرائمهم في حماة، لن تحميك وأنت تطلق العنان لشبيحة القتل لتنال من كل مؤمن ومسلم ومسيحي لا يروق لك، وتستمر في مسلسل القتل والأذية لمجرّد أنهم لم يرضوا أن يجعلوك رباً من دون الله بشهادة الصور والفيديوهات للجرائم التي يرتكبها جنودك خونة سوريا وشعبها!
بعد حمامات الدم في كل مدن الشام، وبعد أن قدّم رؤساء وعقلاء العالم نصائحهم لبشار الأسد أن يخاف الله في دماء شعبه، وإنْ لم يخف من الله فعليه على الأقل أن يكون أكثر إنسانية من أبيه وأعمامه وأبناء شبيحته في تقليل خسائر الأرواح داخل بلده، فليس كل اجتماع اثنين من بلدك - يا بشار - مؤامرة وليس كل ثائر على الآخرين أن يدفع ثمن ثورته فتأخذ أبناءه وبناته وزوجته وكل أهله وربما حتى جيرانه، لتُلقي بهم تحت جنون جنودك حتى تقبض عليه، وحتى بعد أن تقبض عليه، فلا تزر وازرة وزر أخرى، إنْ كنت تؤمن بالله - عزّ وجل - وإنْ كنت لا تؤمن به فعلى الأقل أن تؤمن بمبدأ عام هو شيء يُسمّى بـ»الإنسانية».
لا تقلق يا بشار، فإنّ اليد التي خلعت حسني مبارك من عرشه الذي جلس عليه ثلاثين عاماً، والثورة التي نالت من ملك ملوك أفريقياً معمر القذافي وأردته ذليلاً قتيلاً، قادرة أن تُطالك وتُطال أركانك فتزلزلها وتجعلك ذبيحاً ومقتولاً بعد أن كنت ذابحاً وقاتلاً، وها هي آثار الثورة تتوالى على رأس حكمك، وبقي أن تسقط آخر أوراق التوت المرّ في حلوق السوريين، ولن تعلم في أي يوم قريب سيكون يوم السقوط، فالعد التنازلي قد أخذ بالهبوط بشكل جنوني وأزلام نظامك بدأوا يترقّبون تلك الساعة من قلق أعينهم وتلفيقهم لأي شيء قد ينقذهم.
الشعب السوري ليس ضعيفاً، وهو ميت في عهد بشار الأسد فلذلك بعد موته لا موت آخر يخشاه، وعندما يشعر بموته فإنه لن يموت وحده بل سيأخذك للموت معه، فاليد الغرقى تتعلّق بأي شيء وكل شيء من أجل أن تحيا أو تميت معها ما هو قريب منها، فكيف إذا كان قاتلها ومُغرقها؟! هل المسألة مسألة وقت يا بشار، قيلت لك: إن لم توقف حمام الدم فالعالم ضدك، ويا زاعم أنك وراء الصمود والمقاومة في وجه العدو الصهيوني، فأنت الآن تقدم المبرّر القوي جداً لإضعاف الموقف السوري أمام إسرائيل، لتصبح سوريا مثلها مثل ليبيا والعراق ليست سوى حكومات تتبع الكريم الغربي الذي ساعدها يوم خذلها العربي، ولا زالت جامعة الدول العربية تقدم الحل العربي البديل - لو يعقل بشار - بدلاً من تدخل أجنبي سافر، فيتم حل قضية الشعب السوري بيد أبنائنا العرب بدلاً من يد الأطلسي، أو بيد أمريكا بتعاون إسرائيلي، أو بيد خيانة روسية - صينية وشيكة كما خانوا النظام العراقي سابقاً!
www.salmogren.net