|
كثيراً ما يحضر الآباء للطبيب يشتكون من صوت الشخير المرتفع والمخيف أحياناً لأطفالهم أو أنهم يلاحظون أن الطفل يقوم بمجهود كبير لكي يتنفس أثناء نومه أو حتى ربما يتوقف تنفسه تماماً لبعض الوقت، ويبقى الآباء لفترات طويلة من الليل مستيقظين ليراقبوا تنفس طفلهم.
متلازمة توقف التنفس الإنسدادي أثناء النوم عند الأطفال مرض هام وشائع وله العديد من المضاعفات الخطيرة إذا لم يتم علاجه بشكل مناسب، فما هو هذا المرض؟ وما هي مسبباته وأعراضه الأخرى؟ وكيف يمكن علاجه؟؟
أولاً يجب أن نعلم أن طفلين من بين كل خمسة أطفال يشخرون بصوت مرتفع أثناء النوم.. ربما يكونا مصابين بهذا المرض حيث تحدث فترات من الانسداد الجزئي أو التام للمجرى التنفسي العلوي، مصاحب عادة بنقص كمية الأوكسجين في الدم, ومن الأعراض الأخرى أن الأبوين يلاحظان صعوبة التنفس وزيادة في التعرق وكثرة الحركة وكثرة الاستيقاظ أثناء النوم كما يمكن أن يصاب بالتبول اللاإرادي كعرض ثانوي.
أما الأعراض النهارية للمرض فتشمل التنفس عن طريق الفم, تغير بالصوت, زيادة مرات التهاب الجهاز التنفسي العلوي، وتأخر في النمو الجسدي.
أسباب توقف التنفس
وجد الأطباء أن تضخم اللوزتين واللحمية خلف الأنف هما السبب الأساسي عند الأطفال لهذا المرض، حيث إنهما تعملان كحاجز ومانع لانسياب تيار الهواء بخاصة عندما يحدث ارتخاء لعضلات البلعوم أثناء النوم، كما أن الأطفال البدينين معرضون بسبب ترسب الدهون في عضلات الجهاز التنفسي مما يسبب ضعفها وتضخمها، وأيضاً بسبب ضغط البطن الممتلئة على الحجاب الحاجز عندما يستلقي الطفل على ظهره، كما يوجد هذا المرض أيضاً في بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الأنف مثل انسداد فتحة الأنف الخلفية والانحراف الشديد للحاجز الأنفي أو أورام الأنف، كما تحدث في متلازمة داون (الطفل المغولي) بسبب كبر حجم اللسان والسمنة وصغر حجم الفك السفلي.
مخاطر توقف التنفس
يتساءل الأبوان دائماً عن مخاطر ومضاعفات هذه المشكلة.. فمتلازمة توقف التنفس الإنسدادي أثناء النوم يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها ومعالجتها مبكراً، ومن هذه المضاعفات تأخر النمو الجسدي والتحصيلي للطفل وارتفاع ضغط الدم الرئوي, وتضخم البطين الأيمن, وفشل عضلة القلب. والحمد لله إن كل هذه المضاعفات يمكن تجنبها وكذلك يمكن التغلب عليها إذا تم العلاج المناسب.
تشخيص توقف التنفس
نبدأ بالتاريخ المرضي الدقيق للطفل والاستماع جيدا لشكوى الوالدين، ثم الفحص الجيد للطفل مع ملاحظة طوله ووزنه (يمكن أن يحدث تأخر للنمو- وزيادة الوزن عامل هام مسبب)، مع إجراء فحص كامل وإجراء تقييم لحجم اللوزتين واللحمية خلف الأنف، وكذلك كذلك إجراء فحص دقيق للأنف. وقد يتطلب الأمر إجراء بعض الأشعات على البلعوم الأنفي والجمجمة وعظام الوجه والفكين كما يمكن الاستعانة بما يسمى جهاز الدراسة المتعددة أثناء النوم، والذي يستلزم تنويم الطفل ليلة كاملة لدراسة بعض المعايير في مختبر النوم مثل نسبة تشبع الأوكسجين في الدم وحركة الطفل وحركة الصدر وعضلات البطن ورسم القلب وكذلك تسجيل صوت الشخير.
العلاج جراحي
ينقسم العلاج في هذه الحالة لقسمين رئيسين.. أولهما العلاج الجراحي والذي يشمل استئصال اللوزتين واللحمية خلف الأنف والذي يمثل العلاج الجراحي الأكثر شيوعا لعلاج هذه المتلازمة، وفي كل الحالات تقريبا يتم تحسن حالة الطفل منذ الليلة الأولى بعد العملية، وتتم الجراحة أيضا في الحالات الأخرى حسب السبب.
النوع الثاني من العلاج هو العلاج اللاجراحي والذي يوصف للأطفال الغير ملائمين للجراحة أو التخدير الكلي أو في الحالات القليلة التي لا ينجح فيها العلاج الجراحي، ويشمل هذا النوع من العلاج استخدام بعض الأجهزة التي توضع للطفل أثناء النوم وتقوم بدفع الهواء داخل مجرى التنفس تحت ضغط معين حتى لا يحدث انسداد لمجرى التنفس وبالتالي اختناق الطفل. كما نلجأ لتخفيف وزن الطفل البدين والذي يساعد كثيرا في تجنب هذه الحالة.
وفي النهاية نؤكد على دور الأبوين في ملاحظة طفلهم وبخاصة أثناء نومه، مع طلب المشورة الطبية إذا تم ملاحظة أي من الأعراض أو المضاعفات الخاصة بهذا المرض.
د. فادي فكري - وحدة الأنف والأذن والحنجرة