سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
لم يعد يخلو أي عام دراسي يمر علينا إلا ونفجع جميعاً بحادث مروري مروع تتعرض له حافلات نقل المعلمات والطالبات في أنحاء المملكة يذهب ضحيته العشرات من بناتنا من معلمات فاضلات فضلن التعب ومشقة الطريق على راحة أبدانهن وسلامة حياتهن من أخطار الطرق حباً في خدمة وطنهن وحرصاً منهن على أداء رسالة التعليم السامية في كل شبرٍ من هذا الوطن الغالي.. ومن طالبات عقدن العزم على مواصلة الدراسة مهما بعدت المسافة تطلعاً إلى مستقبل أكثر إشراقاً قد يحقق لهن ولأسرهن ماكن يحلمن به طيلة حياتهن!
وخلال الأيام الماضية طالعتنا صحيفة الجزيرة بخبرين حزينين، عن حادثين مرورين أليمين ومروعين في نفس الوقت، الحادث الأول - أو لنقل الفاجعة الأكبر ألماً وحزناً - كان في العدد رقم (14299) عن حادث حافلة نقل طالبات جامعة حائل القادمة من مدينة الحليفة التي راح ضحيتها (14) نفساً بريئة.. والحادث الثاني في العدد رقم (14301) عن انقلاب حافلة نقل طالبات جامعة جازان وراح ضحيته (3) طالبات في عمر الزهور وسائقهن وإصابة (10) طالبات أخريات!
وهذان الحادثان المروعان اللذان هزا منطقتي حائل في الشمال.. وجازان في أقصى الجنوب - بل وهزا الوطن بأكمله - لم يكونا الأول والثاني ولن يكونا الأخيرين إلا أن يشاء الله، وإنما هذين الحادثين هما استمراراً لمسلسل حوادث (المعلمات والطالبات) الذي ما زالت ولا تزال أحداثه وأجزاؤه مستمرة ما لم يكن هناك تدخل سريع من الجهات المعنية لحل هذه القضية التي باتت تهم وتشغل هاجس كل بيت سعودي.. فمن غير المعقول أن تقطع الطالبات مسافة تزيد عن (250) كم يومياً للدراسة الجامعية لعدم توفر فرع للجامعة في المحافظة أو المدينة التي تسكن فيها بسبب المركزية، حتى أصبح أولياء الأمور من آباء وأمهات يضعون أيديهم على قلوبهم صباح كل يوم خوفاً على مصير ومستقبل بناتهم من خطر الطريق حتى يعدن إلى منازلهن!
ولأن حوادث المعلمات والطالبات أصبحت قضية رأي عام، إلا أنه لم يتم إيجاد حل لها حتى اللحظة، وكل جهة صارت ترمي باللوم والتقصير على الجهة الأخرى، فهناك من يلقي باللوم على وزارة التربية والتعليم.. وهناك من يحمل وزارة النقل المسؤولية.. وهناك من يتهم وزارة التعليم العالي بالتقصير.. وهناك من يلقي بالإهمال واللا مبالاة على الجهات الأمنية.. ولكن تظل هذه القضية هي قضية وطن بالدرجة الأولى يجب أن تولى الاهتمام الأكبر من حيث دراسة مسبباتها، وإجراء التحقيقات الموسعة في ذلك، وإيجاد الحلول العاجلة لوقف نزيف دماء بنات الوطن.. وهنا أطرح بعض النقاط السريعة التي قد تسهم في التقليل من نسب حوادث المعلمات والطالبات لو اعتمدت وطبقت وهي ما يلي:
- إلغاء «المركزية» في المناطق الرئيسية.. والاهتمام بافتتاح فروع للجامعات في جميع المحافظات، وكذلك افتتاح كليات وأقسام لها في المدن الصغيرة التي يتبع لها قرى وهجر.. فالمركزية ينبغي أن تلغى!
- العمل على إيجاد آلية جديدة لتعيين المعلمات بالقرب من مقار سكنهن بدلاً من تشتيتهن وتعيينهن في أماكن بعيدة وتعريض حياتهن لمخاطر الطرق التي تنتظرهن صباح كل يوم!
- الاهتمام بمشروع «السكن الجامعي» وتوفيره للطالبات في جميع الجامعات وفروعها!
- إعادة النظر في تخطيط الطرق.. وإيجاد طرق آمنة تتوفر فيها وسائل السلامة المرورية.. لأن بعض الطرق لدينا هي طرق سيئة وخطرة جداً خصوصاً في المدن الصغيرة وفي القرى والهجر التي تبعد عن أعين المسؤولين في الوزارات وإمارات المناطق!
- توفير حافلات نقل حديثة، وإلزام السائقين بدورات في فن القيادة السليمة واحترام قواعد المرور!
- الجهات الأمنية ممثلةً بدوريات المرور وأمن الطرق لها دور كبير في متابعة الحركة المرورية على الطرق التي تسلكها حافلات نقل المعلمات والطالبات، ومحاسبة المتهورين، وإيقاف سير الشاحنات الكبيرة والصغيرة في الصباح الباكر وبعد الظهيرة حفاظاً على سلامة المعلمات والطالبات.. لأن دور الجهات الأمنية مهم جداً ويجب أن يفعل بشكلٍ كبير!
ونسأل الله أن يتغمد شهيدات العلم من المعلمات والطالبات بواسع رحمته.. وأن يصبر أهليهن على فراقهن.. وأن يمن بالشفاء العاجل على المصابات ممن يرقدن على الأسرة البيضاء و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}!!
منصور شافي الشلاقي - تربة حائل