تعقيباً على الخبر الذي نشر في «الجزيرة» حول إقراض أكثر من 11 ألف مواطن جديد بقروض عقارية أقول:
نعرف جيداً ما آلت إليه التوصيات الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، بإيجاد مساكن للمواطنين بعدة سبل منها إقامة وزارة الإسكان واستغلال الأراضي الحكومية في بناء وحدات سكنية باختلاف أشكالها وأحجامها.
ولقلة المساحات المملوكة للحكومة فإنه يسعدني أن أطرح اقتراحي هذا راجياً من الله التوفيق في استغلاله لحل جزء من قلة المساحات المتاحة، وذلك بالنظر إلى الأحياء القديمة في مدننا الكبيرة.
ومن الوهلة لاأولى وأنت بداخل أحد هذه الأحياء القديمة سيشد انتباهك أنك تتغلغل في مدن عالمية من حيث جنسية الأشخاص القاطنة بها، والأدهى حينما تنظر إلى معظم السكان بها من العمالة التي يكون تواجدها في هذه الأحياء الضيقة شوارعها والمخيفة والمباني المتهالكة، أصبحت وكراً لهم، ناهيك عن الشاحنات الكبيرة التي تصف في أول الأحياء، وتتخيل وكأنك في منطقة صناعية من كثرة الشاحنات ما يلبث أصحابها بالتحرك في الشوارع الرئيسية الضيقة ألا وتسبب زحاماً شديداً.
واقتراحي هنا ينبثق في إعادة النظر لحالتين مهمتين: الأولى: إنشاء شركة مساهمة يدخل جميع من يملك في هذه الأحياء القديمة من منازل فيها لهذه الشركة بقدر مساحة منزله ليعوض بها بصكوك ائتمانية يستطيع التصرف بها متى ما أراد بيعها أو رهناً..الخ، بحيث يكون نصيبهم في العمائر والمحلات التجارية في الشريط الحدودي على الشوارع الرئيسية التي ستكون أفضل سبل جني الأرباح على المدى الطويل وبطرق آمنة، أما داخل هذه الأحياء يتم استغلالها من قبل وزارة الإسكان ببناء عمائر ذات الأدوار المتعددة للاستفادة بقدر الإمكان.
وطبعاً سوف ينتج من خلال عمل هذا المقترح بالخروج بمنظر حضاري في هذه الأحياء القديمة، ولا ننسى بأن مواقعها بالقرب من مركز المدينة يساعد ويقلل التكلفة التي يتطلب وجود الخدمات الأساسية من صرف صحي وكهرباء وماء لأنها موصلة مسبقا لها، وفي حاجة المزيد يسهل توفيرها.
أما الحالة الأخرى من الاقتراح.. يستم التنسيق مع هيئة تطوير المدن بوضع مدن عمالية بجوانب المدن خلافاً للواقع الذي نراه الآن من هذه العمالة التي تسكن في قلب المدن وخاصة في الأحياء المتهالكة والقديمة، ويسببون خطراً لسكان العوائل، وتكون هذه المدن العمالية موفرة فيها كافة وسائل الحياة اليومية التي لا تضطر لأي من هؤلاء الدخول للمدن لتوفيرها، من مستوصفات وأسواق ونوادٍ رياضية وغيرها. وخلاصة الحديث حينما نستغل مساحات الأحياء القديمة للإسكان فسوف نتأكد بأننا وفرنا مساكن داخل المدن وليس خارجها، لأن متطلبات المواطنين في هذه الحالة لا تنحصر في تأمين مسكن فقط، وإنما توفير كافة وسائل الحياة من مدارس ونوادٍ ومستوصفات وغيرها، وزيادة على هذا كله فإننا نغير منظر الأحياء القديمة المتهالكة إلى تحف معمارية في ظل التطورات السريعة في الفنون العمارة.
والله من وراء القصد
عبدالله الرافعي - الرياض