يـأتي رحيل الأديب الرائد عبدالكريم الجهيمان يرحمه الله مؤطرا لمرحلة نهايات جيل الرواد في الحقل الثقافي، هؤلاء الذين أثروا مشهدنا المعرفي بعطاء ثر، وجهد عظيم رغم التحديات والصعوبات التي كانت تواجه أهل البدايات دائماً.. حتى باتت تجاربهم مضرب المثل في التميز والرقي، والدأب، وصدق العطاء في التجربة.
أبا الأمثال.. «عبدالكريم الجهيمان» عني منذ عقود بالثقافة والمعارف، فكان أبرز ما خلده عشرة أجزاء من كتاب «الأمثال الشعبية» التي تعد ذخيرة مهمة للباحث والقارئ، حيث تستشعر أنك أمام عمل جامع يضفي على الحالة الاجتماعية بعدها الجمالي والإنساني.
فالراحل الجهيمان برع في صياغة صورتين من صور الكتابة الاجتماعية حينما نقل الحكاية الشعبية الدارجة من خلال فن السرد الأدبي المكتمل المعاني والصور والبلاغة، في وقت برع في ترجمة الكثير من المعارف والحكم والنوادر من لغة الكتب المفخمة والمقعرة إلى لغة المجتمع البسيط، ليقبل القارئ على تناولها محققاً في هذا المجال ثنائية المتعة والفائدة.
تجربة الجهيمان يرحمه الله في حياته الاجتماعية والعملية والمعرفية غاية في الدهشة والطرافة، فقد روى لمجالسيه الكثير من القصص الشيقة والمواقف المعبرة.. تلك التي مر بها ونجح في التعامل معها بكل ثقة واقتدار.
فمن أبرز ما رواه أنه في سني تعليمه الأولى حينما كان معلماً في المرحلة المتوسطة ولم يكمل آنذاك حيازة شهادة «الكفاءة المتوسطة» فما كان منه يرحمه الله وهو المعلم في تلك المرحلة إلا أن ينضم إلى تلاميذه في قاعة الامتحانات من اجل أن يحوز الشهادة ولم يبتئس أو يتعالى في سبيل تحصيله العلمي.
قصص ومواقف لا تنتهي لهذا الراحل المبدع الذي رسم ملحمة الكفاح وعطاء الكبار الذين تجاوزوا الصعاب والمعوقات من أجل خدمة الأدب والمعرفة، فقد قدم ذاته - يرحمه الله - أديباً وصحافياً وكاتباً ومعلماً، لتحفل سيرته بالكثير من الصور والمعاني الجميلة.
أما في حقل ثقافة الطفل وأدبه، فإن الراحل قد خصه بعشرات القصص الشيقة، والإصدارات المتميزة، حيث يستنبط من مواقف الحياة الاجتماعية ما يصلح للنشء، ليصوغ العديد من الحكايات الشعبية بأسلوب مناسب يتماشى مع لغة العصر وتحولات الزمن.. فرحم الله شيخنا أبا سهيل وأسكنه فسيح جناته.
hrbda2000@hotmail.com