لم يكن مستغربا إشادة خبراء دوليين، بالتجربة السعودية الفريدة في مواجهة الإرهاب، والفكر المتطرف، والثناء على الدور السعودي الفاعل دولياً في هذا المجال - خلال - المؤتمر الدولي الذي افتتحه الرئيس السنغافوري، واستضافته بلاده على مدى يومين، واختتم أعماله - قبل أيام - بمشاركة المملكة.
قصة الإرهاب الذي عانت منه المملكة منذ عام «1995م»، جعلتها عازمة على التصدي لها، والقضاء على خلايا القاعدة؛ لتنتقل بالفكرة إلى الواقع - من خلال - تبني برامج فكرية، وإجراء حوارات مع الموقوفين أمنياً؛ لإعادة تأهيلهم إلى داخل المجتمع، الذي كان بنفس درجة الاهتمام بالتعامل الأمني؛ من أجل صيانة الأمن الفكري لدى المواطن.
انضمام المملكة إلى اتفاقيات دولية معنية بمكافحة الإرهاب، والتزامها بتنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في هذا الشأن، ومصادقتها على جملة من المعاهدات الدولية، كالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام «1998م»، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب عام «2000م»، واتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب، - إضافة - إلى عدد من الاتفاقيات الأمنية الثنائية مع دول عربية، وإسلامية، وصديقة بشأن مكافحة الإرهاب نابع من التزامها الكامل بأحكام الشريعة الإسلامية، وثوابتها، وقيمها التي تحرّم قتل الأبرياء، وتنبذ كل أشكال العنف، والتطرف، والإرهاب، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان، كما أنه دليل على قناعتها التامة، بأن مواجهة الإرهاب - سواء - على الصعيد الداخلي، أو الخارجي، يتطلب جهدا دوليا، وبناء تحالف قوي ضد الإرهاب؛ لقطع دابره، واجتثاث جذوره، وتجفيف منابعه، والوقاية منه.
إن رفض كل أيديولوجية تدعو للعنف، وتبرر الجرائم الإرهابية، وخوض الحرب ضدهما هي رسالة المملكة للمؤتمر الدولي، والتي أعطت دفعة قوية لبرامج مكافحة الإرهاب في العالم، وهذا ما أكده مدير «حملة السكينة للحوار» - الدكتور - عبد المنعم المشوح في ورقته أمام المؤتمر، من أن «هذه الخطوة المهمة جاءت نتيجة وعي كامل من المملكة بأهمية التعاون العالمي؛ لمواجهة التطرف، حيث تدخل المملكة هذه الاتفاقية، ولديها رصيد من التجربة الفكرية - من خلال - البرامج، والمشاريع النوعية، نفذتها - خلال - السنوات العشرالماضية، والتي استطاعت - من خلالها - تحجيم التطرف، ونفيه».
بقي أن أقول: إن نشر القيم الإنسانية، وإشاعة روح التعايش بين الشعوب، ورفض منطق صراع الحضارات، وإطلاع المشاركين على أسس، وقواعد إدارة الأزمة في الحدث الإرهابي؛ للتأكيد على أن الأسباب الجذرية للإرهاب لا يجب أن تغفل مواضيع الفقر المدقع، والهيكل الاجتماعي غير العادل، والفساد، والأسباب السياسية، والاحتلال الأجنبي، والاستغلال الشديد، والتطرف الديني، والانتهاك المنتظم لحقوق الإنسان، والتمييز الاقتصادي، والاستلاب الثقافي نتيجة للعولمة، - إضافة - إلى الصراعات الإقليمية التي تُستغل كذريعة للأعمال الإرهابية، ولعمليات المنظمات الإرهابية، وهو ما أكدت عليه المملكة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في فبراير «2005م».
drsasq@gmail.com