دفع النجاح الذي تحقق لانتفاضات الربيع العربي إلى ظهور العديد من (الآباء) الذين يدعون أنهم وراء نجاح انتفاضات أو ثورات الربيع العربي.
في إيران زعم علي خامنئي بأن ما حصل في تونس ومصر واليمن والبحرين امتداد لثورة خميني، وأن الثوار العرب تأثروا بتوجيهات خميني، وأنهم نجحوا لأنهم استلهموا ثورته. طبعاً، أخرج ثورة الشعب السوري على حليف عمائم إيران لأن النتيجة لن تكون في صالح ورثة الخميني.
أما إحدى المحطات التلفزيونية العربية فقد أدعى مسؤولوها بأنه لولا محطتهم الفضائية لتأخر الربيع العربي خمسة عشر عاماً.
الرئيس الفرنسي أيضاً يزعم بأنه لولا الدعم الفرنسي لما نجحت ثورة ليبيا، أما نظيره الأمريكي فيلمّح وإن لم يصرّح بوضوح، بأن أمريكا هي التي حركت المياه الراكدة في المنطقة العربية (الشرق الأوسط) ولولا الدعم الأمريكي للناشطين السياسيين وتوفير المال وحتى التدريب لما استطاع مشغلو الوسائط الاجتماعية أن يحدثوا كل هذا التغيير.
المدعون كُثُر، وكلٌهم يزعُم بأنه وراء امتداد الربيع العربي واخضراره، رغم أن الآباء الحقيقيين لنجاح انتفاضات الربيع العربي هم الحكام السابقون الذين أسقطتهم انتفاضات الربيع العربي، إذ إن اندلاع هذه الانتفاضات هو رد طبيعي ضد عقود من الفساد والأنظمة الاستبدادية القمعية، وأن انتشار الربيع العربي السريع وامتداده الواسع جاء أيضاً رداً على التعامل الوحشي لأجهزة النظام القمعية، وعدم الفهم وقراءة ما يريده المجتمع، ولهذا، فإن الذي عجل بانتصار الانتفاضات العربية ونجاحها في إحداث التغير هو عدم تعامل الأنظمة الساقطة مع الواقع الجديد الذي فرضته المتغيرات التي تحيط بالعالم العربي، والذي لم يعد بعيداً عن معرفة ما يجري حوله، وأن سنوات التأثير نتيجة طموح المجتمعات العربية بأن يكون لها نصيب في التمتع بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة هو الذي دفع هذه المجتمعات إلى نزع الخوف ومواجهة استبداد وقمع السلطات، وزاد في دفع هذه المجتمعات إلى التحدي هو عدم التعامل الصحيح والفهم لمن كانوا يمسكون زمام السلطة بما تريده المجتمعات، ولهذا، فإن الآباء الحقيقيين للربيع العربي هم الحكام السابقون الذين أججت أفعالهم الانتفاضات التي انتهت بتغييرهم.