نعم، هي إضاءات تنير ثقافة أمة دخلت في ظلام كهف الجهل والتقليد والقهر الفكري والكهنوتية. إضاءات الدخيل تُجدد وتتجدد، فتبث روح الشباب في غيرها كما تجدد شبابها فهي أبدا مسفرةٌ نضرةٌ. فكرُ تركي مضيء كإضاءاته لا ينطفئ إذا انطفأ وأظلم فكر الشارع. إضاءات الدخيل مبصرة فلا تعمى عن فكر الأمة الذي تراكمت عليه ظلمات بعضها فوق بعضها من القهر والتغييب والكهنوتية والتقليد. فكر تركي مضيء ولذا أدرك أن الأنوار ولو اختلفت مصادرها فهي تضيء كهف الظلام، فلم يحجر إضاءاته على ضوء واحد بل عمل على نشر كل نور فكري طالما أنه يحمل منطقا صحيحا، فإضاءته غطت كل مجالات ثقافة الأمة بمعنى الثقافة الواسع.
إضاءات الدخيل تقود الفكر ولا تُقاد. فتركي ليس رخيصا، يتاجر بثقافة أمته وفكرها فيقدم برنامج ما يطلبه المستمعون. وشتان بين قادة الفكر وبين رعاة القطيع. في قنواتنا لا يهدف كثير من مقدمي البرامج إلا إلى الإثارة الرخيصة وكسب الشعبيات بدغدغة البسطاء من العامة في مشاعرهم الدينية والسياسية بطروحات ساذجة مكررة مغلوطة سندها قال وقيل. أدرك تركي أهمية الدين والاقتصاد والاستغلال الناتج عن التزاوج المصلحي بينهما والأثر المدمر المستقبلي لكلاهما ونتائجه على الأمة فكانت دعوته لي: إضاءة من إضاءاته لأمته.
شتان بين المفكر المستقل الباحث عن تجديد أمته وبين آخرون من مقدمي البرامج أمثال الذين سخروا خمس حلقات في أهم قناة سعودية رسمية في التضليل والكذب والشتم لشخصي من أجل كتابتي مقالات حول موضوع ربوية النقود. ماتت حلقات الظلام الخمس، بينما عاشت حلقة الإضاءة، «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
عجيب تركيٌ هذا لم يكتف بما أضاء، بل زاد فكتب مقالا بعنوان «ماذا فعل حمزة السالم»، فلم أفق من تأملي في مروءة الرجل حتى راسلني شيخ الصحفيين حبيبنا الشيخ مصطفى الأنصاري متأثرا بمروءة من وصفه -حقا- بالشهم النبيل فكتب لي « والله أحب في هذا الرجل إنصافه وإنسانيته لو تمنحني نصف زاويتك، كتبت لك عنه ما يسعده. أنا أحبه، مثلما أحبك» ثم طرح فكرة مقال مشترك بعنوان «بل ماذا فعل تركي الدخيل»، وكأن لسان حاله يقول «لا خيل عندك تهديها ولا مال.. فليسعد القول ان لم تسعد الحال». والحقيقة أن مقالي هذا ليس للدخيل، فهو غني عنه وعن غيره، بل لتعليم الشباب والرجال والنساء جمال إضاءة الفكر واستقلاليته، وتعليمهم فن كسب القلوب.
ومع مشاركة شيخنا مصطفى الأنصاري:
«بل ماذا فعل تركي الدخيل؟
أخي وصاحب الضربة القاضية في المعارك الفقهية والعسكرية. طابت أيامك، ونعيماً على «التنعيمة» والسحنة الجديدة التي أتعبت بها من وراءك من الشباب.
ثم إني فرحت لك كثيراً عندما رأيت بلاءك الحسن وأنت تبارز وتنازل وتكشف الأقنعة وتبطل سحر المكائد والحيل، لذوي المصرفية ومن سار على نهجهم في نهب «الغلابة» واقتفى. ولكن السعد لك وجبت مضاعفته وقد احتفى بك الزميل تركي الدخيل في مقال جمع لك فيه بين أشياء قل أن يجود بها القرناء وأشياء ما لبث يجود بها على كل من استطاع إلى دعمه من الناس سبيلا.
أنت مثلي ذات يوم، بحق محظوظ بهذا التركي الأصيل الذي يأتيك بإحسانه ويغمرك بلطفه من حيث لا تحتسب. وما ذاك بسطة أوتيها لم يمنحها غيره في الإمكانات والفرص، إنما لإنسانية نادرة وقرت في قلبه. وترى ذلك في مواقفه مع من مسه طائف منه، عبر مهاتفة أو لقاء أو حتى سطر عابر. فكأنه يصطاد اللحظة التي يبهجك فيها بدقة، فيما تأتيك أنت بغتة، فيتيه قلبك به رغماً.
سل عن ذلك سارة الدندراوي والكلباني ووفد جازان وكل من أتيح لأبي عبدالله أن يسجل فيه هدف «كوبري» من النوع البديع.
أرني كم كاتبا يخصص لزميل مثله منافس مساحة كالتي أوقفها عليك الزميل الدخيل. غفر الله لأبي عبدالله وهنيئا لك ولنا أجمعين به. أما قصصه فكثيرة، وشكرا لك إذ منحتنا فرصة للحديث عن بعض مكنوننا عنه وعنك. دمت فارساً على كل الجبهات مغواراً.»
وأختم بالمسكوت عنه، فأكشف بأن مقالي في 26 شوال بعنوان «فن أسر القلوب» الذي كان له صدى واسع طيب قد كان من وحي لقائي بهذا المضيء تركي الدخيل، وكان تفريغا لمشاعر الوفاء التي فاضت في صدري في شكر كرم ضيافته وسمو تعامله معي أثناء تواجدي في دبي للمقابلة. كثير هم من يحبون تركي الدخيل، ويحبهم تركي الدخيل، فما أقول إلا كما قال أبو الطيب «إنْ كانَ يجمعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِه فَلْيتَ أنَّا بقَدْرِ الحُبِّ نَقْتَسمُ».
hamzaalsalem@gmail.comتويتر@hamzaalsalem