في صباح يوم الأربعاء 27-12-1432هـ انتقلت والدتي دليل بنت عبدالرحمن بن محمد الحمود التويجري إلى الرفيق الأعلى وهذا أمر الله وقضائه ولا راد لأمره, ونحن مؤمنون راضون بما كتب الله فقد رحلت إلى جوار ربها الغفور الرحيم وإلى دار خير من دارها وأهل خير من أهلها في جنات ونهر ونعيم مقيم في جنة عرضها السماوات والأرض حيث لا أمراض ولا أسقام ولا فراق فيها ولا رحيل عنها برحمة ربها ولا نقول إلا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، فقد قال الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وقال {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
لقد عانت والدتي من المرض في السنوات الأخيرة وذاقت من أحزان موت أبنائها (أحمد وعبدالعزيز) شيئاً كثيراً فصبرت واحتسبت وشكرت ربها على ما أصابها ابتغاءً للأجر والثواب من الله عزّ وجلّ فقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يصب منه)، وكانت رحمها الله من النساء الأوائل الذين قاموا بتعلم القرآن الكريم وحفظه منذ الصغر على يد عمتها شيخة الحمود التويجري أم حمد العويد رحمها الله بمدينة المجمعة بحي الحزم, فقد عاشت حياتها عابدة لربها راعية لأولادها مطيعة لزوجها رحمه الله متواصلة مع أقاربها وجيرانها بارة بوالدتها شيخة الأحمد رحمها الله محافظة على الصلوات وتلاوة القرآن تقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة. فكانت رمزاً من رموز الوفاء والخير والعطاء والكرم، الكل يحبها ويحترمها ويدعو لها لأنها كانت تحترم الكبير وتوقره وتعطف على الصغير وتحنو عليه وتحب المؤانسة والبشاشة, وكل من يقوم بزيارتها يجد حسن الاستقبال وكرم الضيافة والدعاء فهي نعم الأم الحنون الحبيبة التي طالما سمعنا وأنصتنا إلى نصائحها وتوجيهاتها وقصصها وأشعارها رحمها الله رحمة واسعة، لقد كانت تتحلى من كرم الصفات ورفيع الأخلاق ما يجعلها نموذجاً يستحق التأسي والاقتداء به وكان لسانها رطباً بذكر الله تعالى في كل وقت وفي كل مكان.
ومن حسن الخاتمة أنها توفت بمنزلها بعد صلاة الفجر وبعد سماعها شيئاً من القرآن الكريم حيث قالت: (أنفث عليّ). وبعد قراءة شيء من القرآن عليها سلمت النفس لبارئها، فكانت ميتتها ميتة حميدة سوية سهلة ميسرة وتمت إجراءات نقلها وتغسيلها والصلاة عليها بمسجد الملك خالد رحمه الله بعد صلاة العصر من يوم الأربعاء 27-12-1432هـ في نفس اليوم فلم تدخل ثلاجة الموتى ولم تعان من سكرات الموت ولله الحمد والمنة وهذا من حسن الخاتمة إن شاء تعالى.
أسأل الله أن يتغمد الراحلة العزيزة بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأن يجزيها جزاء الصابرين وأن يجمعنا بها في جنات ونهر في مقعد صدق عن مليك مقتدر.