اختُتمت القمة الخليجية الثانية والثلاثون، التي ضمَّت قادة دول الخليج العربية لليومين الماضيين، هذه القمة التي شكَّلت منعطفاً تاريخياً لأهل الخليج العربي وللمنطقة العربية كافة؛ إذ طلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من إخوته قادة المجلس الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، التي قوبلت بترحيب ومباركة القادة الذين فعَّلوا هذا الطلب بتشكيل فريق عمل خليجي مكوَّن من ثلاثة أعضاء من كل دولة؛ لبحث آليات الانتقال من التعاون إلى الاتحاد.
الانتقال إلى الاتحاد هو التحوُّل التاريخي لإقليم الخليج كافة. وإذا كانت التحديات الحالية التي تواجه الدول العربية كافة تتطلب اتحاداً وتماسكاً من جميع الجهات فإن الأهم هو ما نبَّه إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ إذ ذكر - حفظه الله - أن التاريخ والتجارب علمتنا ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة، ويواجه الضياع وحقيقة الظرف، وهو أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا.
قول خادم الحرمين الشريفين هذا يتطابق تماماً مع المسيرة التي قطعها مجلس التعاون وما تعيشه المنطقة من تحديات وتحولات تنال من أسس ومقومات الكيانات القطرية القائمة. فدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي استهلت مرحلة التأسيس بتوثيق التعاون بين دولها ومجتمعاتها باعتبارها شعباً واحداً، لم تشأ أن تقفز في البداية، وفضلت التعاون لوضع أسس الوحدة، وبعد أن تم قطع مسافة كبيرة من التعاون، ووضع الأسس الراسخة لوحدة دول الإقليم، كان لا بد من الانتقال إلى المرحلة الأخرى التي نص عليها النظام الأساسي للمجلس؛ فالذي تحقق لم يعد يكفي طموحات وتطلعات أهل الخليج العربي، الذين يطالبون قادتهم بأن يكونوا في كيان واحد لمواجهة التحديات والأخطار التي يواجهونها فرادى، كما أن الانصهار في بوتقة الوحدة يجعل تحقيق الإنجازات، سواء في المجالات التنموية والاقتصادية، وحتى في المواقف السياسية، أكثر قوة وتأثيراً.
استجابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لطموحات أهل الخليج، ومباركة وترحيب وتبني قادة دول الخليج العربي لدعوته بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ستجعل من السنة القادمة، التي ترأس فيها المملكة العربية السعودية دورة المجلس، سنة تفعيل آليات الانتقال إلى مرحلة الاتحاد من خلال ما تتوصل إليه الهيئة المتخصصة التي شكّلها قادة المجلس بواقع ثلاثة أشخاص من كل دولة لدراسة المقترحات والآراء التي تبادلها القادة في اجتماعات القمة.
وهكذا، وبعد أن علَّق خادم الحرمين الشريفين «جرس الاتحاد»، تنطلق منذ اليوم مسيرة توحيد دول الخليج العربية في كيان موحَّد، يعزز مكاسب أهل الخليج، ويعزز القوة العربية.