كم الراتب؟ أو بصيغة أخرى..كم راتبك؟
هذا السؤال وبأي صيغة يطرح يبدو حساسا لدى البعض وخاصة أصحاب الرواتب الضعيفة لاعتبارات اجتماعية أونفسية هذا على مستوى العائلة أو الأصدقاء وللشخص هنا الخيار في الإجابة أو الامتناع, لكن قد يكون في حالات معينة مطلوب الإجابة بدقة وبإثباتات وهو قدر أي فرد مقبل على الزواج أوطلب قرض من بنك أو استقدام سائق أوخادمة أو عامل وهنا وخاصة في حالتي الاقتراض أو الاستقدام يكون العامل الاقتصادي هو الحاسم.
الراتب المجزي يساعد على مواجهة متطلبات الحياة من معيشة وسكن وملابس ونقل وغيرها, والراتب وما يسميه عامة الناس المعاش لأن العائلة تصرفه على كل أمور معيشتها هو حظ الإنسان «إن زاد راتبك باع لك واشترى لك .. وإن قل راتبك لاشرى لك ولاباع» وهنا استبدلت مفردة الحظ بالراتب لأنه يعبر عن حظ ونصيب الإنسان محدود الدخل في الحياة.
أصحاب الرواتب الضعيفة يخسرون الكثير من الفرص وخاصة في بلد مثل المملكة يرتفع فيها مستوى المعيشة لذا يسعون لزيادة مداخليهم الشهرية من مصادر أخرى رغم محدودية الفرص وسط ندرة وظائف حكومية وشح رواتب في قطاع خاص لا يؤمن إلا بالربح المادي فقط, وسيطرة العمالة الأجنبية على كل الفرص في السوق, وهذا الشح في الفرص دفع البعض للتعلق بأي أمل. كتبت قبل سنوات مقالا بعنوان «طقاقة براتب وزير» جاء المقال طريفا يشخص حالة اجتماعية مقلوبة فطقاقة في قصور الأفراح بمدينة الرياض تتقاضى في الليلة أربعين ألف ريال وهو مايعادل راتب وزير, لا أذكر أسم الطقاقة لكنها عموما مشهورة في الأوساط الاجتماعية, الأكثر طرافة أن بعض من علقوا على المقال تمنوا لو أسعفهم الحظ للحصول ولو على ربع ماتحصل عليه الطقاقة وحتى لوكلفهم الأمر الانضمام لفرقتها. رد فعل المعلقين يوضح الحالة التي عليها محدودي الدخل ومن تقل رواتبهم عن الحد الأدنى والذي لا يسمح لهم بتأمين حياة جيدة, ورواتبهم هزيلة لا تكفي لتأمين أدنى متطلبات الحياة من سكن ولو حتى متواضع وأكل وشرب مايدفع بعضهم وخاصة من ضاقت بهم السبل للجمعيات الخيرية وأبواب بيوت الأثرياء.
الرواتب في القطاع الخاص مذبذبة وغالبا تقل عن الحد الأدنى الذي حددته الدولة وهو ثلاثة آلاف ريال فالمدارس الأهلية مثلا والتي ألزمها الأمر الملكي بحد أدنى لرواتب معلميها السعوديين قدره خمسة آلاف ريال لم تلتزم بتنفيذ الأوامر وظلت تماطل وتدفع رواتب متدنية لاتكافىء مايبذله المعلمون من مجهودات, وحتى المدارس الأهلية التي نفذت الأوامر جزئيا لجأت لأساليب انتهازية بزيادة الرسوم على أولياء الأمور بنسب تزيد عن 30%, وشركات في القطاع الخاص تدفع أجوراً زهيدة ولا نستغرب أن نسمع عن موظف جامعي يستلم راتب لايزيد عن 1500 ريال ودون أن يحصل على أي بدلات وهو راتب الشحاذ يتقاضى أضعافه «لكنها الكرامة والتعفف», وهو راتب لايكفي مواطن سعودي يعول أسرة ويبحث عن زواج واستقرار وسكن وهذه تجبر هؤلاء للاقتراض من البنوك إذا كانت رواتبهم تسمح.
الراتب لايكفي خاصة للموظفين الذين لايحصلون على بدلات ولا انتدابات ولا خارج دوام وأقل إجراء أن ترفع الدولة الحد الأدنى للرواتب إلى خمسة آلاف ريال وهو بالكاد يكفي الموظف الذي يعول أسرة صغيرة.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15