مشهد الازدحام في أي مكان دليل الحيوية، والحركية، وتوافق الحاجات، واتجاه المقاصد، إلاّ أنه أيضاً شاهد أكبر على عدم التنظيم، أو فوضى السلوك..
لا تذهب هنا لأيّ مكان وتجده لا يعجُّ بالفوضى والازدحام..
من حيث تهرب من المصحّات الحكومية لاكتظاظها بالمراجعين، وعدم قدرتك على إنجاز أيّ أمر آخر غير مراجعتها وإنْ كنت للاستشارة، لتفرغ لها جل ساعات ذلك اليوم،.. فتلجأ للمصحّات الخاصة فإذا بك تقع في فخ آخر، هو ازدحام فاتورتك بطلبات الأطباء المتلاحقة، والمتنوّعة،...
هناك تهدر ساعاتك، وهنا تهدر ميزانيتك..
في الشارع أيضاً عليك أن تحسب كم من الوقت تحتاج لكم من المهمات ستؤدي،...؟
وقد وصل أمر الازدحام إلى مرافق مهمة ترتبط بها نظاميتك في العيش بشكل قانوني, ونظامي, حين تحتاج لمراجعة البنوك لمعاملاتك المالية، والجوازات من أجل أيّ أمر يتعلّق بتجديد جواز سفرك، أو مكفولك، أو استخراج تأشيراتك،.. أو استخراج، أو تجديد بطاقة هويّتك في إدارة الأحوال المدنية، إذْ عليك أن تجلس في خط انتظار, يطول وقته ربما لثلاث ساعات, أو أكثر، أو أقل بقليل من أجل أن تصل للنافذة، وقد تعود أدراجك لمجرّد أنّ الصورة تميل فيها قطعة من الغطاء حيث اليمين, أو الشمال، وكان عليك ألاّ تفعل، لتعود أدراجك لمعاودة التصوير ومن ثم العودة لهدر يوم آخر, تجلس في خط الترقيم، وليته خط منظم, أو جلوس منظم.., بل تجد الكراسي تتحرّك حيث تشاء المراجعات، وربما المراجعين أيضاً، حيث أيضاً النظافة ليست على وجه يرضي، وحين تخرج وتزفر أنفاسك تحرراً، لتتلقّى الهواء, تكظمك أتربة الموقع، وزحمة أخرى في الشارع، في مضامير العربات.., وعند الإشارات التي طالت مسافات الزمن بين أحمرها وأخضرها..
ثم، تعود لبيتك بعد أن أنهكت قواك، وتسارع نبضك، وصكّت أبواق العربات مسامعك...
لا تزال الزحمة لدينا ليست دليل حيوية بل مؤشر عدم تنظيم في الأساس، وعدم إحساس بقيمة النظام لدى الأفراد...
ويبقى عليك أن تحسم من عمرك عدد ساعات, وأيام منه, تحتاج إليها من أجل عبور الشوارع، وقضاء المصالح.