حينما تضيق دوائر الحصار حول نظامٍ ما تدفعه حالة التأزم التي يعيشها نتيجة نبذه من قوى عدة تتكاثر باطراد؛ مما يجعله يندفع لارتكاب أخطاء؛ ظناً منه أنه يقاوم بذلك حالة العزل المحلي والدولي التي تحاصره.
هذا بالضبط توصيف ما يعيشه النظام الإيراني الحاكم، والذي يصر على مواصلة ارتكاب الأخطاء بحق الشعوب الإيرانية والمجتمع الدولي على حدٍ سواء، وبدلاً من أن يستجيب لجهود الأسرة الدولية بالتعاون ويخضع للشرعية الدولية يمعن في التصلب ومعاندة الإجراءات باتخاذ إجراءات مضادة في محاولة منه للضغط على الأطراف الدولية للتراجع عما اتخذته من خطوات لإعادته إلى جادة الصواب، وبدلاً من أن يعيد جسور التواصل مع المجتمع الدولي، وبالذات الدول المجاورة التي ساعدت على تخفيف الحصار المضروب على إيران من خلال بقاء موانئها منافذ للتبادل التجاري بينها وبين إيران، وبدلاً من أن يوسع النظام تعاونه مع الدول المجاورة خدمة لشعوب إيران، يقوم بعكس ذلك تماماً بهدف الضغط على الدول المجاورة حتى لا تلتزم بالعقوبات الدولية المفروضة على النظام الإيراني.
دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد الشريك التجاري الثاني لإيران إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عشرات البلايين من الدولارات سنوياً، حيث عملت المنافذ الإماراتية وبخاصة دبي وأبوظبي على تقديم الخدمات التجارية، وشكلت الإمارات العربية المختلفة نوافذ لعبور البضائع الإيرانية أو وصول الواردات للسلع الهامة التي تحتاجها إيران.
هذه الدولة العربية الخليجية التي ساعدت إيران كثيراً في تخفيف الضغوط الاقتصادية والتجارية يكافئها النظام الإيراني باتخاذ قرار بحظر التبادل التجاري معها، ومع أن القرار لن يكون له سوى تأثير بسيط على حجم تجارة دولة الإمارات العربية مع محيطها الإقليمي والدولي، إلا أنه سيصيب الاقتصاد الإيراني في مقتل، ويدمر ما تبقى لهذا الاقتصاد من قوة، إن كانت هناك قوة تذكر، فبعد إعلان قرار حظر التجارة مع الإمارات تراجع سعر صرف العملة الإيرانية «التومان» إلى مستوى قياسي وصل إلى ما نسبته 15%، كما أن القرار سيحرم الأسواق الإيرانية من البضائع التي كانت تصلها عبر الموانئ الإماراتية، ويمنع تصدير البضائع الإيرانية، وهو ما يزيد من تأثير العقوبات الدولية على إيران، وكأن النظام يعاقب نفسه بنفسه، وهو تأكيد على أن حالة التأزم التي يعيشها تقوده إلى تأزم أكبر.