تمتلك بلادنا الغالية أكبر احتياطي نفط في العالم وتضخ عشرة ملايين برميل يومياً، وتتمتّع بوفر مالي وميزانيات ضخمة منذ سنوات طويلة، ولكنها لا زالت تفتقر للبنية التحتية الحقيقية، فغالبية أحياء عاصمتنا ومدننا الرئيسية تعاني من شح المياه، ونقص........
....... شبكات الصرف الصحي وتطفح طرقاتها بمياه المجاري، ويتكدّس الكثير من سكانها في طوابير مهينة للفوز بصهريج لنقل وشفط المياه من وإلى منازلهم وهم يتابعون احتفالات توقيع عقود مشاريعها في وسائل الإعلام، ويصاب سكانها بالرعب من الغيوم والأمطار ويموتون غرقاً في طرقات تعاني من ندرة شبكات تصريف السيول التي كشفت لنا مياه الأمطار أنّ مشاريعها القليلة المنفذّة كانت مشاريع تصريف سيولة نصيبنا منها سلالم إنقاذ في الأنفاق، وتفتقر مدننا لشبكات النقل العام التي لا زال سيّدها العتيد باص خط البلدة المتهالك، وقطار سلحفاتي وحيد يزحف بين مدينتين فقط ونسأل الله تعالى أن تكتمل هذه الخدمات الأساسية قريباً.
أما البنية (الفوقية) فإنّ كثيراً من الوزارات والجهات الحكومية وفروعها كالمدارس والمحاكم الشرعية والإدارية وكتابات العدل والمراكز الصحية والأمنية وغيرها في مبانٍ مستأجرة مخصصة لسكن عائلة واحدة، أو في عمائر سكنية لا تتناسب مع طبيعة مهامها ولا تليق بدولة غنية تنفق مئات المليارات من الريالات على مشاريعها، وتنفق على استئجار المباني مبالغ تكفي لبناء مقار نموذجية توقف الهدر والنزف المالي الذي استفحل بعد اتجاه جهات حكومية لاستئجار مبانٍ على طرق تجارية رئيسية بمبالغ ضخمة بموافقة وزارة المالية.
والتساؤلات التي لم أجد لها إجابات حقيقية صادقة هي لماذا لم تتمكن غالبية الجهات الحكومية من بناء مقرات دائمة لها رغم توفُّر الميزانيات الضخمة الكافية لبنائها؟
وهل هناك عوائق حقيقية حالت دون ذلك؟
وإذا كان هناك حاجة حقيقية لاستمرار استئجار المباني، فما هي مبرّرات ودوافع اختيارها في مواقع تجارية مزدحمة باهظة الثمن رغم إمكانية استئجار مبانٍ مماثلة في مواقع أخرى مناسبة بنصف القيمة؟
وأخيراً فقد ازدحمت الصحف بإعلانات مستمرة لجهات حكومية تطلب فيها استئجار مبانٍ لها ولفروعها وأرجو أن لا نشاهد في يوم من الأيام إعلاناً لإحدى البلديات تطلب فيه استئجار أرض لإقامة مقبرة عليها.