حين ترقب هذا الاحتداد الفكري والجدل، الذي يرغي ويزبد، يحنق ويحقد، يستعدي ويهادن، يناور ويداور، تتلبسك خيفة، وتظن أن وطنك لن يتقدم خطوة إلا ويتراجع عشرة، لكنك ما إن ترقب الواقع وتتأمل في الناس وحياتهم وطريقة تفكيرهم وطموح الشباب وفلسفته في الحياة حتى تشعر بأن التنظير والجدل هما آخر ما يلتفت إليه جيل نشأ في الضوء، واستنشق هواء النوافذ المفتوحة، وأدرك ما يريد من دون وصاية، ورسم في مخيلته أهدافه بعيداً عن كل المثبطات التي تدفعها المصالح إلى السطح أحياناً!! يحمل الشباب هواتفهم الذكية، يدسون فيها حيواتهم بكل طزاجتها، يقدمون نبض الحياة، لا حاجة لهم بكتابة سيناريو أو ممثلين أو كاميرات تطرد من شارع إلى شارع، قصص حية من الصول وردهات لجامعات، من الأسواق ومكاتب الموظفين، قصص يتابعها الملايين، تقدم الناس كما هم، تجعلك تحب المكان وتحب أهله، وتجد فيهم ملامح مشتركة مع كل خلق الله في أرضه الواسعة. هم في النهاية بشر، لهم تطلعاتهم وتوقهم وأحلامهم وحكايات حبهم وعداواتهم الصغيرة. هواتف الشباب الذكية هي وثائق مهمة، ترصد تحولات كبرى في التفكير والوعي وفلسفة الحياة والأولويات، هي تثبت أن الجدل الذي تتشقق له الحناجر في وادٍ والحياة تهدر في وادٍ آخر!!
f.f.alotaibi@hotmail.com