تحدثت عن أوقاف الجامعة، التي كان الباب الرئيسي لها هو «كراسي الأبحاث»، إذ تم التواصل مع بعض رجال الأعمال الناجحين، الذين بدورهم اقتنعوا بخططها التطويرية التي كان شعارها «ريادة عالمية.. من خلال شراكة مجتمعية محلية وعالمية.. لبناء مجتمع المعرفة»، فتبرعوا بمبالغ ضخمة للمساهمة في تنفيذ هذه الخطط التي تهدف إلى أن تكون الجامعة «أرامكو المعرفة»، القادرة على قيادة مستقبل الوطن بما تملكه من كفاءات علمية متميزة وإرادة جبارة، وذلك تحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين بهذا الخصوص كما يؤكد الدكتور العثمان دوما.
كما تحدثت عن دعم الجامعة للأستاذ، فقد عملت بالجامعة ردحا من الزمن، وكنا نعاني من جراء تعقيد الإجراءات التي تتعلق بالبحث العلمي، إذ إن الميزانية المخصصة لمراكز الأبحاث بالكليات محدودة -خمسون ألف ريال في العام للكلية التي كنت أعمل بها-، ويتطلب الحصول على جزء يسير من هذا المبلغ جهداً مضاعفاً، مما جعل كثيراً من الأساتذة يحجم عن عملية البحث العلمي رغم أهمية ذلك للأستاذ الجامعي. ونفس الشيء ينطبق على حضور المؤتمرات العلمية بالخارج، فإجراءاتها تتطلب وقتاً وجهداً، ومع ذلك ففي أحيان كثيرة تنتهي أعمال المؤتمر قبل انتهاء إجراءات الموافقة!. ولذا، كان الأساتذة يندبون حظهم باستمرار، ويطمح كثير منهم إلى «الهجرة» من الجامعة للعمل في جامعات خارجية أو في القطاع الخاص.
تغير كل هذا خلال السنوات الأخيرة، فأصبح الشعار «إن كنت مستعداً للعمل.. فنحن مستعدون لدعمك»، ففيما يتعلق بحضور المؤتمرات العلمية -التي تعتبر المحفز الأول للبحث العلمي- تم تسهيل الإجراءات، فقد تم استبدال التعامل الروتيني الورقي بالتعامل الإلكتروني، وهو ما حل معضلة الوقت التي عانينا منها طويلاً. أيضا، فقد أصبح متاحاً للأستاذ حضور أربعة مؤتمرات في العام الواحد بدلاً من اثنين فيما مضى، كما أصبح بإمكان عضو هيئة التدريس غير السعودي حضور المؤتمرات، وهو ما لم يكن متاحا من قبل.
أما التطور النوعي فهو إتاحة الفرصة لطلاب الدراسات العليا لحضور المؤتمرات أيضاً، حيث إن الجامعة تشترط الآن على طالب الدكتوراه نشر بحث علمي واحد على الأقل قبل الحصول على شهادة الدكتوراه، وهذه خطوة تهدف الجامعة من ورائها إلى إعداد الباحث المتمكن منذ مرحلة مبكرة.
أما كراسي البحوث فقد أصبحت «خلايا نحل» تخدم الأستاذة والطلاب، خصوصاً طلاب الدراسات العليا خارج نطاق القيود البيوقراطية. كما تم تطوير مراكز البحوث بالكليات وزادت ميزانياتها بشكل كبير، فقد أعلنت الجامعة قبل أيام أنها ستدعم كل مركز بمليوني ريال، وهذا يزيد بأربعين ضعفاً عن المبلغ المخصص للكلية التي كنت أعمل بها قبل سبع سنوات!.
أيضا تم إقرار الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، وأنشئت مراكز التميز البحثية بمبادرة من مقام وزارة التعليم العالي قبل عدة سنوات بميزانية تناهز النصف مليار ريال، وهي مراكز تعنى بالبحث العلمي في المجالات التي تبرع فيها الجامعات، وكمثال على ذلك فقد أنشئ في جامعة الملك سعود أربعة مراكز في مجالات المواد الهندسية المتقدمة وأمن المعلومات والتقنية الحيوية والعلوم والرياضيات. وتزامن كل هذا مع إقرار مجلس الوزراء الموقر في غرة رمضان 1429 لحوافز البحث العلمي المادية، التي ضاعفت رواتب الباحثين المتميزين من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، فكان نتيجة ذلك ثورة بحثية غير مسبوقة في تاريخ التعليم العالي، وحصد براءات اختراع وجوائز سنتحدث عنها في المقال القادم بالأرقام، والأرقام لا تكذب أبداً، وللحديث صلة.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر alfarraj2@